بنكيران يريد احتكار المعلومة عندما يجد بنكيران، رئيس الحكومة، نفسه في ورطة يخرج سلاحه الحزبي بتوجيه ضربات للآخرين. ولا اختلاف وسط العدالة والتنمية بين تيارات أو حمائم وصقور. ولكن في توزيع للأدوار. فعندما يعجز بنكيران عن الرد السليم على مطالب شباط يخرج عناصره، التي تشكل احتياطيا للضجيج والتحليل الفارغ، لتقول إن إقحام الملك في الصراع بين العدالة والتنمية وحزب الاستقلال، المكونين الرئيسيين في الحكومة، خطأ سياسي. فهل هو كذلك؟ ولماذا يروجون لمثل هذا الكلام؟ إن استقبال الملك لحميد شباط، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، جاء بناء على طلب غريم بنكيران. ومن حق شباط أن يوضح رؤيته. ولحدود الساعة كل ما هو معروف عن اللقاء أن حميد شباط قدم مذكرة للملك يشرح فيها الأسباب التي دعت حزب الاستقلال عبر مجلسه الوطني إلى اتخاذ قرار الانسحاب من الحكومة. ولم يتحدث أي أحد عن تدخل ملكي أو تحكيم ملكي، الذي هو بالمناسبة حق لرئيس الدولة باعتباره ضامن استقرار البلد والنزاع الحكومي واحد من مهددات الاستقرار. منطقيا لابد من التأكيد على أن شباط من حقه أن يوضح رؤيته وأسباب القرار الحزبي. حيث لا يمكن لأمين عام الاستقلال أن يترك موضوع انسحابه من الحكومة عرضة للقيل والقال. والموضوعية تقتضي أن يوضح كل واحد وجهة نظره. إذ من غير المنطقي أن يتقول الناس على شباط ويشرحوا ويفسروا كيفما بدا لهم، ويحددوا من أنفسهم أسباب القرار الحزبي. يعني بكلمة واحدة دعوا شباط يحدد بنفسه أسباب اتخاذ قرار الانسحاب من الحكومة. إن الذين قالوا إن إقحام الملك في هذا الصراع خطأ سياسي. إما أنهم لا يفهمون. وإما أنهم مغرضون. ونستبعد الاحتمال الأول لأن حزب العدالة والتنمية يضم دهاة تمكنوا منذ زمن طويل من إزاحة مؤسسي الحركة الإسلامية المغربية عن أمكنتهم وتولوها هم. إذن يبقى الاحتمال الثاني هو الأكثر أهمية من غيره. أي أن من يقول مثل هذا الكلام له أهداف من ورائه. فالملك باعتباره رئيس الدولة من وظائفه أن يعرف ما يجري في البلد. وشباط قدم توضيحات للملك حول قرار الانسحاب. وهي توضيحات يريد أولاد العدالة والتنمية ألا يعرفها الملك. وهذه مصيبة. رئيس الدولة لا يعرف خلفيات قرار يهم الحكومة هذا ما يريده الحزب الأغلبي. من ضمانات الاستقرار السياسي أن يعرف الملك ما يدور داخل الحكومة. فالأزمة الحكومية إذا استمرت ستؤدي إلى الفوضى والكوارث. ولكن المعلوم أن بنكيران يريد أن يحتكر المعلومة لوحده. لأن المعلومة سلاح. وظل مسيطرا على إخوانه بادعائه امتلاك معلومات خطيرة. وما زال اليوم يمارس مثل هذه الممارسات حيث لا يخبر حتى وزراءه وحلفاءه عن قراراته. إن إخراج سلاح إقحام الملك هو مجرد حكاية للوصاية على الآخرين باحتكار المعلومة.