ماذا لو فشل الملك في التحكيم الذي "ورطه" فيه حزب الاستقلال عندما اقحم الفصل 42 من الدستور في بيان المجلس الوطني لحزب الاستقلال بخصوص تفعيل قرار الانسحاب من الحكومة؟ هذا السؤال وارد، فاذا كانت احزاب السياسية قد ادانت هذا الاقحام في سرها وتحاشته علنا فان حزب العدالة والتنمية ومن خلال تصريحات قيادييه عبر عن اقحام الملك في نقاش بين حزبين. حزب الاستقلال لجأ الى هذا الفصل للضغط اكثر على حكومة بنكيران وجعلها تركع امام مطالبه التي تتغير مع توالي الايام، فبعد التعديل الحكومي ارتفعت الان لتشمل اقصاء حزب التقدم والاشتراكية من كل حكومة قد يشارك فيها شباط، وهي ضربة استباقية من شباط الامين العام لحزب الاستقلال كي يقلص عدد الحقائب الوزراية لحزب الكتاب الاربع
هذا الفصل "يورط" الملك اكثر مما يخدمه "كان يمكن ان يعالج الامر حزبيا، لكن بيان الاستقلال اقحم الملك وهذا ليس في مصلحة السياسة في مغرب بدستور جديد" كما اوضح مسؤول كبير ل"كود". هذا المسؤول وغيره يعي جيدا ان هناك فرضية لفشل مهمة الملك التحكيمية، وهذا الامر سيكون لها اثر كبير على الملكية
مسؤول اخر استغرب في تصريح ل"كود" قبول المؤسسة الملكية لهذا الدور اصلا "كان يمكن تفادي هذا المأزق الذي نعيشه حاليا، برفض اقحام الملك في نقاش حزبي بين مكونات الحكومة، كما ان هذا التحكيم كان يمكن ان يكون قبل قرار انسحاب الاستقلال من الحكومة" يضيف مصدر "كود".
لقد نجح الملك، يضيف نفس المصدر ل"كود"، منذ وصوله الى الحكم في تدبير كل التحولات السياسية الكبيرة. نجح في استمرار حكومة اليوسفي بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني واثناء الشرح في المجتمع بسبب مدونة الاسرة، نجح بعد ان تدخل وعين لجنة ترأسها امحمد بوستة، الامين العام السابق لحزب الاستقلال، ثم نجح، يضيف مصدر "كود"، في ادارة غضبة حزب الاتحاد الاشتراكي بعد تعيين حكومة ادريس جطو، اذ شارك حزب الوردة في تلك الحكومة رغم انه حصل على اعلى الاصوات ورغم غضبة اليوسفي عبد الرحمن الكاتب الاول
واثناء حكومة عباس الفاسي نجح الملك في جعل الحكومة تستمر رغم قرار خروج حزب الاصالة والمعاصرة الى المعارضة، اذ استمر احمد خيشيش من هذا الحزب وزيرا للتربية والتعليم.
بل ان الملك نجح في اكثر اللحظات دقة وخطورة بعد مسيرات عشرين فبراير بعد ان وجه خطابا سريعا يوم تاسع مارس ثم كان الدستور الجديد ووصلت المعارضة ممثلة في حزب العدالة والتنمية وتشكلت الحكومة بعد ان قرر الملك تعيين بنكيران رئيسا للوزراء بميدلت. هذه المرحلة الحاسمة نجحت الملكية في تدبيرها لكن اليوم الامور تبدو مختلفة، فحزب العدالة والتنمية يسير في اتجاه القطع مع الاستقلال الذي يديره حميد شباط اليوم، هذا يجعله يرفض كل ما يمكن ان يقترح عليه في اطار هذا التحكيم الملكي. كما ان بنكيران بيده نص دستوري يجعله قادرا على حل البرلمان بعد اخبار الملك، كما ان استقالته ستكون كارثية للمغرب في مرحلة يعيش فيها ازمة اقتصادية كبيرة وتحولا تاريخيا في قضية الصحراء
بنكيران ينتظر وشباط يهاجم والملك اختار ان يضيف اياما اخرى في عمر رحلته الخاصة وذلك من اجل ان تصفى نفوس مكونات الاغلبية، لكن يبدو ان نهاية الاسبوع الذي ودعناه شكلت تحولا جديدا، اذ عاد شباط لهجومه هذه المرة بفاس ومكناس ثم استهدافه لاهم حليف لبنكيران هو حزب التقدم والاشتراكية، ثم كان قرر مكتب المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية وضع عقد دورة استثنائية على طاولة الامانة العامة لحزب المصباح. انها مؤشرات كثيرة قد تصعب من اية مهمة تحكيمية للملك بين حليفين في الحكومة يتحاربان يوميا