مرتبة الوطن أي مرتبة يحتل الوطن لدى زعماء العدالة والتنمية ومنتسبيه؟ كيف يفهمون القول المأثور "حب الأوطان من الإيمان؟ ماذا ننتظر من الحزب الإسلامي إذا تعارضت مصلحة الوطن مع مصلحة التنظيمات الدولية التي يرتبط بها؟ هذه الأسئلة وردت بمناسبة تصريحات عصام العريان، القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين ورئيس الكتلة النيابية لحزب الحرية والعدالة، حول قضية القدس والدور المغربي الذي حاول تبخيسه. والطريقة التي تعامل معها بنكيران وإخوانه. حيث التزموا الصمت جميعا ولم يتكلم الإعلام الحزبي عن هذه القضية وهو الذي لا يدع صغيرة ولا كبيرة إلا تحدث عنها. كما سكتت حركة التوحيد والإصلاح عن الموضوع وسكت البرلمانيون المشاغبون. لقد أنهى عصام العريان قصة المزايدات التي يقوم بها حزب العدالة والتنمية، فهو دائما يحاول قلب الطاولة على الآخرين حتى يستأثر بمكرومات الدفاع عن الوطن والدين، لكن قضية العريان أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن هناك مرتبة للوطن لدى العدالة والتنمية قد تكون في أسفل سلم الترتيب أو غير مرتب لديهم بشكل مطلق. لقد اختار المغاربة ثالوثا لا يستقيم إيمان أي مغربي إلا بوجودهما متلازمين. لقد تشكل لدى المغاربة عبر التاريخ شعارا جامعا مانعا "الله. الوطن. الملك". والشعار ليس أغنية للتسلية ولكنه اختزال لموقف. ولا يعرف لدى المغاربة درجات في حب هذا الثالوث. فهو مزيج واحد بين حب الله وحب الوطن وحب الملك. مزيج من القيم الروحية الكبرى وشيم الدفاع عن الأرض والعرض. والمغاربة يقولون "المغربي يموت على بلادو ولا على ولادو". وهذا الشعار هو موقف ديني أخلاقي سياسي. وهو يشكل المرجعية المؤطرة للوثيقة الدستورية التي تحفظ الحق الإلهي في ضمان العدل بكل معانيه، وتتوغل في الحداثة والقانون الوضعي حد التطرف حيث تؤسس لآليات الرقابة والحكامة والتداول على السلطة وربط المسؤولية بالمحاسبة. ففي أمر من هذا القبيل ليست هناك منطقة رمادية. هناك أسود وأبيض. لأنك مع الوطن أو ضد الوطن. ولا حياد في الدفاع عن الوطن. لكن حزب العدالة والتنمية وجد نفسه في موقف حرج. فالعريان مسؤول في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. والعدالة والتنمية مرتبط بشكل أو بآخر بهذا التنظيم مع وجود نفحة وهابية طاغية على تفكيره. ففضل الحزب الانحياز للتنظيم بدل الوطن. وقلنا مرارا إن الوهابية لا تؤمن بالأوطان مع العلم أن القول المأثور يقول "حب الأوطان من الإيمان". لكن وطن الوهابي هو المكان الذي توجد فيه الفكرة السلفية. فالعريان يريد النيابة عن الفلسطينيين في تحديد من قدم خدمات للقدس من غيره. فأصحاب القضية يعرفون أن المغرب قدم الكثير لقضية فلسطين. يعرفون أن المغفور له الحسن الثاني أول من جمع قادة العالم الإسلامي لاتخاذ موقف بعد إقدام الصهاينة على حرق المسجد الأقصى. ويعرفون شهداء المغرب من أجل القضية. ويعرفون دور بيت مال القدس في حماية المقدسات. لكن ماذا قدم الإخوان المسلمون الذين حملوا شعار "رايحين رايحين على القدس بالملايين"؟ تحول هذا الشعار إلى دك للأنفاق ورسالة مرسي التي يقول فيها لبيريز "صديقك الوفي". العدالة والتنمية حائر في انتمائه بين الإخوان والوطن وما زال إلى اليوم يفضل انتماءه للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.