في تطور خطير خرج عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، في عز الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها البلاد للمطالبة باجتثاث كل من ثبتت معارضته لحزب العدالة والتنمية، تحت مبررات اجتثاث الفساد، ورفع بوانو شعار "العزل السياسي" في لقاء جمع "مناضلي حزبه" بسيدي بوعثمان بالرحامنة، حيث أكد على أن الحكومة أخطأت لأنها لم تقتف أثر تونس ومصر، التي يحكمها اليوم الإسلاميون بيد من نار وحديد، حيث تتم مطاردة الخصوم السياسيين والمخالفين لرأي الإخوان. وتحولت دعوة بوانو إلى تحريض على الفتنة وإراقة الدماء، في وقت ينتظر الشعب المغربي تكريس الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي كلمات يقشعر لها بدن العدالة والتنمية الحزب التحكمي. لكن بوانو وهو يستورد النموذجين المصري والتونسي لم يتحدث عن الوضعية الأمنية في هذين البلدين، وحالات الاختطاف والقتل والأحداث الطائفية التي يعيشانها بسبب قرار الإخوان المسلمين بممارسة الحكم الوحيد والفكر الوحيد، حيث تحولت شوارع المدن المصرية والتونسية إلى ساحة حرب مفتوحة على جميع الواجهات. لقد كشف بوانو عن الوجه القبيح للعدالة والتنمية الحزب الذي يرفض الأصوات المعارضة، ويتهمها برعاية الفساد، لكن بوانو لم يتحدث عن جامع المعتصم المتابع في قضية فساد، وكان خرج من السجن في إطار صفقة سياسية، كما لم يتحدث عن الإرهاب الفكري الذي يمارسه الحزب، وإصرار بنكيران على الحديث عن التماسيح والعفاريت في كل مرة يشعر فيها أنه في ورطة، وهي المصطلحات التي استلهمها بوانو لكن هذه المرة بكثير من الجرأة التي يفتقدها بنكيران، لأن بوانو وهو يتحدث عن العزل السياسي يقول ضمنيا إن المغرب لم يعد يتسع لكثير من الأصوات، وأن لا صوت يعلو على صوت العدالة والتنمية، حتى لو كانت أصواتا ديمقراطية. لقد كان على بوانو أن يكون صادقا مع نفسه ومع من يدورون في فلكه، ويقول لنا ماذا يريد حزب العدالة والتنمية صراحة، هل يريد إغراق البلاد في الفوضى فتتحول إلى ما أصبحت عليه شوارع مصر وتونس، أم أنه يريد معاقبة كل الذين تجرأوا وانتقدوا العدالة والتنمية، وهو بذلك إنما يستلهم من خطابات رئيسه في الحكومة وزعيم حزبه، الذي لا يفوت الفرصة دون التلويح بتهديداته، وهي سياسة تدخل في إطار لعبة تبادل الأدوار التي يتقنها العدالة والتنمية جيدا. إن ما فاه به عبد الله بوانو هو جوهر حزب العدالة والتنمية الذي لم يرد أن يحكم معه أحد لأنه خرج من الربيع العربي بأقل مما خرج به التنظيم الأم بمصر وشقيقه بتونس، وهذا هو مفهوم الربيع العربي "اللي ما زال كيتسارى"، اي ربيع الدماء والقتل الذي يريده الإسلاميون في الشوارع.