الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها. وأولاد العدالة والتنمية أول من يقرأ هذه المقولة. وعاشوا كثيرا وتربوا على دروس مشايخ تحدثوا عن الفتنة في عهد عثمان بن عفان وفي معركة صفين. لكن التدين السياسي لا يهمه الخراب مادام يحقق المصلحة للحزب والحركة. وأخطر أنواع التدين هو التدين السياسي. تدين يرسم المصلحة لكن لديه أدوات للتبرير الشرعي لكل أنواع الفتنة والتدمير. وباسم الله يمكن أن يغرقوا السفينة "فلا مرساها ولا مجراها". فبعد الجرأة الكبيرة على كل ما هو اجتماعي. وبعد الزيادة في أسعار المحروقات التي أثرت على مستوى استهلاك الأفراد وارتفاع كلفة المعيشة. وبعد التحرش بصندوق المقاصة، وبعد لجوء بنكيران إلى تقليص ميزانية الاستثمار، بدأ يتحرش اليوم بأجور الموظفين. ولم يكتف بنكيران بالجرأة على ما هو اجتماعي ورفع الضرائب وغيرها، بل لجأ إلى تقليص ميزانية الاستثمار بشكل كبير وصلت في بعض الوزارات إلى النصف. وتقليص ميزانية الاستثمارات يعني تقليص حجم الصفقات العمومية. وتقليص الصفقات العمومية يعني عجز مجموعة من المقاولات التي تتعامل مع المؤسسات العمومية وشبه العمومية. والعجز يعني الاستغناء عن خدمات العديد من العمال في بعض الحالات التي تتمكن فيها المقاولة من الاستمرار بصعوبة والإغلاق بشكل نهائي في الكثير من الحالات، مثلما أغلقت مقاولات كثيرة لم تتمكن من استخلاص أموالها التي توجد في ذمة المكتب الوطني للماء والكهرباء. إن إغلاق المقاولات وبشكل كبير يعني تشريد آلاف العمال، مما يعني تجويع آلاف الأسر. وعندما تم اتهام بنكيران بالاستفراد بهذا القرار، وفعلا اتخذ القرار في غياب الجميع وأرسل منشوره لباقي الوزراء قصد تطبيقه. أخوف ما يمكن الخوف منه هو أن يتجاوز بنكيران مرة أخرى الأغلبية الحكومية ويتجاوز البرلمان، ويقرر بصيغة انفرادية تخفيض أجور الموظفين في المؤسسات العمومية، ومهما كانت نسبة التخفيض فإنها ستحدث الفتنة. فأغلبية القطاعات العمومية رافعة مطالب الزيادة في الأجور. وكل القطاعات متمسكة بالمكاسب ولا يمكن أن تقبل التراجع عنها. ولا يريدون أن ينطبق عليهم المثل القائل "ما قنع بخبزة يقنع بنصها". أتوجد حكومة أجرأ من هذه. هناك حكومات تلجأ لتخفيض الأجور. ويكون ذلك مقبولا في حالات شديدة وضيقة وبصفة مؤقتة. وهي حكومات يكون برنامجها الانتخابي مبنيا على الإنقاذ. أي أن الحكومة تطلب من الشعب التصويت عليها قصد تطبيق برنامج تقشفي. لكن أن يكون الحزب الذي يقود الحكومة مثل حكومتنا قد وعد ببرنامج وردي كي يصوت عليه الناس ولما يصل إلى الحكومة يقود المجتمع إلى الكارثة فتلك هي الخديعة الكبرى. قد تكون الأزمة الاقتصادية العالمية ذات تأثير على الاقتصاد المغربي، لكن الجزء الأهم من الأزمة في المغرب هو وجود حكومة هواة "تتعلم الحجامة في رؤوس المغاربة". الفتنة قادمة والمسؤولية مشتركة من أجل وقف النزيف.