لقد جد الجد مع حكومة بنكيران الميني ملتحية، ولم يعد الأمر هزلا ولا نكتا حامضة أتحفنا بها رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية الحاكم. الحزب الذي استسهل الحكومة أدخل المغرب في نفق مسدود وخطير. لقد أوصل الاقتصاد لمرحلة حرجة، وبعد سنة ونصف من عمر الحكومة مازال الزعماء الإسلاميون يتفننون في دغدغة العواطف بدل الاعتكاف على مشروع جدي وواقعي لإخراج البلد من الأزمة. وكانت آخر تلك الإجراءات المضطربة هو إرسالية بنكيران للقطاعات الوزارية قصد تخفيض ميزانية الاستثمار لسنة 2013، وتراوحت نسبة التخفيض ما بين 25 و60 في المائة، وهمت على الخصوص قطاعات التعليم والصحة ووصلت نسبة التخفيض في قطاع الصحة 50 في المائة. قد يبدو الأمر عاديا، أي أن الحكومة لجأت لهذا الإجراء قصد الحفاظ على التوازنات، يمكن للحكومة أن تحافظ على ميزانية التسيير لكن ستقتل العديد من المقاولات التي ستجد نفسها في حالة عطالة، وذلك بانعدام الصفقات المرتبطة بالاستثمار، وبالتالي تشريد آلاف إن لم نقل مئات الآلاف من العمال وضياع مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بالمقاولات التي تنجز الصفقات العمومية. ومن باب شهد شاهد من أهلها نورد ما قاله نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية في حكومة بنكيران حول الديون. لقد أكد أن إشكالية المديونية حقيقية في المغرب، حيث بلغت 58 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي وتشمل المديونية الداخلية والخارجية، وعبر عن تخوفه من فقدان التحكم في القرار الاقتصادي في حالة الفشل في التحكم في المديونية. كما اعترف بتراجع العملة الصعبة بالمغرب، وبرر ذلك بارتفاع أسعار المواد الطاقية التي قال إنها تجاوزت 103 ملايير درهم كما أكد أن العجز التجاري وصل إلى 200 مليار درهم. لقد أغرقتنا حكومة بنكيران في الديون، فالدين الخارجي بلغ مستويات غير موجودة حتى في البلدان التي تعيش الأزمات والحروب، ورهن مستقبل المغاربة حيث سنحتاج لأجيال أخرى لتصفية تركة الإسلاميين من الدين. والمطلوب اليوم بعد أن وقعت الفأس في الرأس ليس هو الحديث عن الديون ولكن وقف الانهيار الذي تسببت فيه الحكومة الميني ملتحية حماية للأجيال المقبلة التي لا يفكر فيها بنكيران الذي علق فكره وشعوره وإحساسه بالماضي الذي لم يكن جيدا في لحظة من اللحظات. أما الدين الداخلي والذي لا توليه الحكومة أهمية فهو ناقوس الخطر الحقيقي لأنه يهدد كل ما هو اجتماعي، باعتباره مفتاح الاستثمار ومغلقه. لقد أوصلت حكومة بنكيران الاقتصاد المغربي إلى عنق الزجاجة، ولا تنتظروا منها تحمل المسؤولية، فقد شرع بنكيران وإخوانه في تهييء الأرضية لإعلان الفشل، لكن بعد أن يتم إلصاقه في العفاريت والتماسيح والفلول. لقد أصبح الهدف واضحا. هو ضرب الاستقرار الذي ينعم فيه المغرب. إن تسريح العمال يعني الفوضى الاجتماعية، وهذا هو العنوان الحقيقي لما قاله بنكيران عن الربيع العربي "اللي ما زال كيتسارى وتقدر ترشق ليه ويرجع".