كتب عبد الله الشيباني، صهر عبد السلام ياسين مؤسس جماعة العدل والإحسان عن "الماكينة المخزنية وألاعيبها". وكم كان مضحكا موقف الشيباني المعروف وسط العدل والإحسان بأنه لا في العير ولا في النفير ولم يتول منصب القيادة إلا لكونه زوج ندية ياسين. كم كان مضحكا وهو يتحدث عن المخزن وكأن دول العالم الإسلامي كلها عرفت هذا النمط من الحكم، مع العلم أن دول الخلافة الإسلامية تكسرت سيوفها عندما وصلت الحدود المغربية، لأن المغرب كان له نمطه الخاص في الحكم مختلف تماما عن النمط الشرقي، بحكم ثقافته العريقة وبحكم احتكاكه بدول كبرى منذ سالف الزمن، وإلى العصر الحاضر يوم كان العالم العربي والإسلامي موزعا بين أنظمة عشائرية وفردية كان المغرب يؤسس نمطا ديمقراطيا مختلفا. لم يتمكن عبد الله الشيباني من تحديد دقيق لطبيعة النظام المغربي، أي بناء على عناصر علمية وثقافة سياسية واسعة لأنه محدود الثقافة ومحدود النظر، وفشل في أن يكون قاصا يروي الحكايات، وهي حكايات كانت تروى عن العدل والإحسان وواجهها بها منتقدوها ممن انتسبوا إليها ذات يوم وغادروها بعد أن وجدوها معملا خطيرا لتعليب الأفكار وإخراجها على نمط واحد موحد يتلو المنهاج النبوي مثلما يتلو كتاب الله. وقال عبد الله الشيباني "قال الله عز وجل وهو أصدق القائلين "...استخف قومه فأطاعوه"، جعل العقول خفيفة والنفوس ضعيفة بتربية وتعليم وإعلام وتدين ممخزن تنشطه صنائع ماكينة المخزن من مثقفين وفنانين وعلماء وإعلاميين ووعاظ وتقنوقراطيين وسياسيين، وغيرهم من كوادر التأثير في المجتمع". هذا اتهام خطير للمغاربة في تدينهم وهو تدين شعبي مختلف تماما عن التدين السياسي الذي يجاوره النفاق كما تمارسه الجماعات الإسلامية ومن بينها جماعة العدل والإحسان، التي تنتقد فقهاء ووعاظ السلاطين، بينما أمينها العام محمد عبادي ومجموعة من قيادييها أعضاء في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الذي يترأسه القرضاوي يوسف مفتي الجزيرة والذي يستخرج الأحكام الفقهية وفق ما يطلبه الناتو وأمريكا وقطر. المشكلة ليست في تدين المغاربة الذي هو تدين بلا صباغة ولا ما كياج بقدر ما هو تدين حقيقي موروث وتاريخي محمي من علماء الأمة الذين جاهدوا في سبيل الله يوم كان أسلاف الإسلاميين مختبئين أو متواطئين، لكن المشكلة في التدين السياسي، وهو تدين أينما حل جاوره النفاق على تعبير بهاء الدين العاملي. إنها خرجة من خرجات الشيباني. ومن لا يعرف طبيعة الخرجات التصعيدية لعبد الله الشيباني نذكره بأن الرجل يعاني من جرح عميق ويبحث له عن بلسم في الشتيمة وفي تصعيد الخطاب، لكن كبسولات الدواء فارغة لأن مضمون الخطاب فارغ تماما وهو المعروف وسط الجماعة قبل غيرها بأنه لا يكاد يبين ولا يتوفر على قدرات معرفية وتنظيمية. إنه يريد فقط معالجة الجرح الذي تسببت فيه زوجته ندية ياسين عندما سافرت إلى أثينا رفقة عشيقها السليماني وقضت أياما هناك في حضنه. ويتشابه خطابها بخطابه فهي عندما انفضحت قالت إذا لم تسكتوا سأعود إلى قناعاتي الجمهورية التي وضعتها في الثلاجة بعد أن ثبت أنها تخالف توجهات الخلافة التي يؤمن بها مؤسس الجماعة. ويريد الشيباني أن يغطي على هجومات أشبال العدل والإحسان وتيار المثقفين بقيادة عبد العالي مجذوب، وهو الذي تلقى أوصافا قبيحة بعد وفاة صهره ونعتوه بالمتآمر مع مجلس الانحراف، أي الإرشاد والشورى، ووصفوه بالعاق لصهره ومرشده، وأصبحت هذه التوجهات حقيقة تعتمل داخل الجماعة وليست وهما كما كانوا يصورون، وبالتالي الجماعة ستكون أمام معضلة لملمة شتاتها بدل الانصياع وراء رغبات الشيباني. وإذا كان الشيباني يريد أن يحارب الفساد فليبدأ من باب بيته أولا قبل أن ينطلق إلى المجتمع وفي ذلك مداواة لجراحه وحتى عقبة المرشد لم تعد موجودة فما عليه سوى اتخاذ القرار.