كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات على أن وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الجنوب بالمملكة لا تتوفر على استراتيجية واضحة قائمة على تصور للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الجنوب، علما أن الوكالة تتوفر على مخططات عمل تتجاوز السنة الواحدة تتضمن عدة برامج. وأكد المجلس على أن هذه المخططات تتسم بغياب تام لأهداف واضحة ومحددة الكمية ولمعايير حسن الأداء. وأن هذه البرامج لا تحدد الاعتمادات المالية المخصصة لوضع مجموعة متكاملة من الأنشطة المرتبطة بأهداف محددة تهم الصالح العام والنتائج المنتظرة وتقييمها. وبالرغم من كون التقييم يشكل عنصرا أساسيا في عملية وضع الاستراتيجية، فقد ظلت هذه الوظيفة غائبة في مسلسل تطبيق مخططات عمل الوكالة. وشدد التقرير على أن الوضعيات المحاسبية والتقارير المنجزة من طرف الوكالة تبين أن تدخلات هذه الأخيرة يتم قياسها اعتمادا على الكلفة المالية للمشاريع وللنفقات التي خصصت لها. غير أن قياس حسن الأداء لا يمكن أن يتم إلا من خلال رصد آثار التكلفة والنفقات المنجزة، الأمر الذي يفيد بأن الوكالة تنتهج مقاربة تعتمد على الوسائل بدل المقاربة المبنية على النتائج وحسن الأداء التي من شأنها إبراز أثر المشاريع على الساكنة المحلية. ومن جهة أخرى، أعلن التقرير أنه في غياب دراسة استراتيجية، تم تسطير أول مخطط عمل 2004-2008 اعتمادا على توصيات الأيام الدراسية التي نظمت بالعيون بتاريخ 18 يونيو 2002، أما المخطط الثاني 2009-2013 فلم يعتمد في صياغته على تشخيص مسبق، لاسيما تقييم المخطط الأول لتحديد معايير اختيار المشاريع المزمع إنجازها. كما أن المخطط الأخير لم يحدد بدقة أهدافا واضحة ومحددة ودقيقة، الأمر الذي لا يسهل عملية تقييمها، كما سبقت الإشارة . وجاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات أنه فحص مخططات العمل بين أن الأنشطة المدرة للدخل ظلت محدودة. كما لم تتخذ الوكالة موقفا استراتيجيا بشأن مشاريع مبتكرة وذات قيمة مضافة في خلق فرص الشغل والثروات، إذ تتدخل الوكالة في مجالات متعددة يمكن إنجازها من طرف هيئات محلية أخرى كأشغال الطرق وبناء التجهيزات الاجتماعية والتربوية والرياضية. ولاحظ تدهور المجلس حالة المنشآت والتجهيزات المرافقة لها من الداخل والخارج بسبب عدم استغلالها رغم نهاية الأشغال بها منذ عدة سنوات. وأشار إلى أنها عرفت تشققات على الجدران والأسقف وتلطخ الصباغة وتلاشي الأبواب وانتزاع الأقفال وكذا غياب الماء الصالح للشرب، وأوصى المجلس الأعلى للحسابات الوكالة باتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل الحفاظ على التجهيزات المنجزة قبل توقيع أوراق تسليم المشروع مع الشركاء. ووقف تقرير المجلس على وجود مجموعة من المنشآت المنجزة لكنها غير مستثمرة، إلى حدود نهاية شهر غشت 2012، فباستثناء مستودعات السمك (مع العلم أنه إلى حدود نهاية شهر أبريل 2012 مستودع السمك بتاروما لم يكن بعد مستغلا) كل المنشآت والتجهيزات الأخرى لم تكن تستثمر بما فيها الثلاجات وآلات تصنيع الثلج. وقد برر التقرير مشكل عدم الاستغلال إلى عدم وضع تحديد مسبق للأدوار ولواجبات الأطراف الموقعة للاتفاقيات، معتبرا أن الاتفاقيات لا تشير بأي شكل من الأشكال للطريقة التي ستوزع بها المنشآّت المنجزة والتجهيزات المرافقة لها. مما يشكل عائقا لعملية التوزيع معتبرا في ذات الوقت أن المنشآت المنجزة والتجهيزات تبقى دون الاستجابة للمتطلبات الراهنة بالإضافة إلى عدم إشراك المهنيين في هذه العملية.