كشفت الرسالة التي بعثها عبد الله الشيباني، عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان وعضو الأمانة العامة للدائرة السياسية وصهر عبد السلام ياسين، إلى عبد الإله بنكيران عن وجود خلافات عميقة وسط الجماعة وخصوصا فيما يتعلق بخلافة مؤسس الجماعة ومرشدها، الذي يعاني من متاعب صحية حقيقية. وأبانت الرسالة عن رغبة دفينة لدى آل ياسين للاستحواذ على قيادة الجماعة، وبعد تواري ندية ياسين عن الأنظار ووجود موانع سيكولوجية لدى أعضاء الجماعة من تولي المرأة القيادة، تم الدفع بالشيباني ليبعث رسالة تيمنا بالرسالة التي بعثها عبد السلام ياسين سنة 1974 تحت عنوان الإسلام أو الطوفان، ومن خلال لغتها الحادة يظهر أن هناك محاولة لترميز صهر ياسين الذي ظل رغم وجوده في القيادة من دون تأثير في القواعد، وهي لعبة تقودها من خلف الستار ندية ياسين التي تملك مفاتيح كثيرة لتوجيه بوصلة الإرشاد العام نحو زوجها وليس أقلها أنها وريثة ثروة جماعة العدل والإحسان وممتلكاتها المسجلة باسم والدها. وقد عبرت قيادات عديدة عن غضبها من رسالة الشيباني، فرغم الاتفاق على مضامينها فإنهم مختلفون على من يوجهها، خصوصا وأن فتح الله أرسلان هيمن لمدة طويلة على منصب الناطق الرسمي باسم الجماعة، وقد عبر لمقربين منه عن استيائه من الطريقة التي وجه بها الشيباني رسالته إلى بنكيران بعد مدة وجيزة من تهنئته بانتخابه أمينا عاما للعدالة والتنمية. ولم يعد أمام العدل والإحسان من مجال لإنكار وجود التيارات داخلها، ففئة مرتبطة بمحمد عبادي الذي يعتبر رقيبا تربويا ووريثا صوفيا لعبد السلام ياسين وتيار فتح الله أرسلان بالإضافة إلى العناصر المتنفذة في الأمانة العامة للدائرة السياسية دون نسيان المرتبطين بعائلة عبد السلام ياسين وتيار المثقفين بقيادة عبد العالي المجذوب وأخيرا أشبال العدل والإحسان لنصرة الصحبة الذين يعتبرون مجلس الإرشاد قد حاد عن توجهات الجماعة وأطروحاتها. ويظهر أن التقاطبات اليوم ستكون محصورة بين شخصين، الأول هو فتح الله أرسلان، القادم من السلفية إلى العدل والإحسان، وعبد الله الشيباني صهر عبد السلام ياسين ومرشح العائلة لخلافة المرشد. وكانت الجماعة دائما تنظر للتنظيمات الموازية على أنها آليات لتحقيق المشروع لكن لم يكن أعضاؤها ينالون الرضى من قيادة الجماعة خصوصا صقور مجلس الإرشاد، وقد عانى مناضلو الفصيل الطلابي الذي تشكل بداية التسعينيات من ترويج اتهامات ضدهم وصلت حد وصفهم بالميوعة الأخلاقية وعدم الانضباط وضعف التدين لديهم وهو الاتهام نفسه الذي يوجه اليوم لبعض أعضاء الدائرة السياسية مما يفضح الانسجام الظاهري وسط الجماعة، بين تيار يستغرق في ممارسة السياسة والمناشط المدنية وتيار يرى في ذلك خروجا عن قواعد الدعوة الإسلامية وهو التيار الغالب. وترى قيادات في مجلس الإرشاد أن القطاع النسائي خرج عن طوق الجماعة وترى في تحركات قيادات نسائية وخصوصا ندية ياسين تطاولا على أخلاقيات الجماعة وأن القطاع النسائي في غالب الأحيان لا يلتزم بمبادئ الإسلام. ويبدو أن الخلافات وسط العدل والإحسان لم تعد سرا وإنما طفت إلى السطح وقد تعصف بالوحدة الوهمية والانسجام الأسطوري.