قبل أن تطفو ندية ياسين كريمة شيخ جماعة العدل والإحسان على السطح لم يكن للمرأة في الجماعة ذكر بل ووجهت بفقه متخلف موروث عن قرون الاستبداد والعادات المريضة، ولم تتبدل الرؤية إليها إلا بعد أن أصبحت كريمة الشيخ تطير من مكان إلى آخر متجاوزة حتى داعيات التحرر ولعل إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق، يعرف من تلك السلوكيات الشيء الكثير، فبعد بروزها إلى الساحة انبرى الوالد لينظر للمرأة من خلال كتابه "تنوير المؤمنات" وإن فاته أن الإشكالات التي تعرفها المرأة حاليا والمرأة المسلمة خصوصا لا تنفع معها التأملات وخطابات الوعظ لأنها تحتاج إلى معالجات حقيقية. كانت المرأة في جماعة العدل والإحسان تمثل عنصر فتنة للإخوة المجاهدين وكان التنسيق بين التنظيم الرجالي والنساء يتم في قنوات ضيقة عادت على الجماعة باختلالات أخلاقية فظيعة، وكانت بعض اللقاءات القليلة جدا التي تتم هنا وهناك يفصل فيها بين الرجال والنساء ليس في أماكن الجلوس فقط بل تتم مخاطبتهم من وراء حجاب، وبعد اشتداد الضغط على قيادة الجماعة بعد أن وفد إليها وافدون فروا من تيارات أخرى أو لجأوا للجماعة فقط لأنها تمثل صوت المعارضة للنظام ومواجهة أفكار جديدة بدأ الترويج بمنسوب محسوب ودقيق لكتاب عبد الحليم أبوشقة "تحرير المرأة في عصر الرسالة". أما المرأة قبل ذلك لم تكن في منظور الجماعة سوى التابع للرجل ولم تكن مشاركة في صنع القرار ولم تكن تستشار حتى وإلى وقت قريب لم يكن القطاع النسائي ممثلا في هياكل التنظيم إلا بعد بروز ندية ياسين وأعطيت لها صلاحيات تمثيل القطاع النسائي وقيادته بدعوى أنها قريبة من والدها وهذا يعفي الجماعة من قضية التنسيق بين النساء والرجال وهل يوجد من بين الجماعة من يسمح لزوجته بلقاء قياديين في الجماعة. بعد أن تولت ندية ياسين قيادة القطاع النسائي وأصبح قطاعا مستقلا لا يخضع لسلطة مجلس الإرشاد بل ينسق مع المرشد الذي ليس سوى والد ندية ياسين وبعد أن أصبحت المرأة مشاركة بشكل أو بآخر في قرارات الجماعة بدأت طموحات كريمة المرشد في الصعود تدريجيا إلى أن وصلت حد منافسة كل شركاء والدها في تأسيس الجماعة على الخلافة في موقع القيادة وشرعت في تصفية بعضهم من القواعد والقيادات وكان آخرهم عيسى أشرقي عضو مجلس الإرشاد الذي تم طرده لأنه الأوفر حظا لخلافة زعيم الجماعة والذي يحظى باحترام كثير من الأعضاء. وكانت الجماعة دائما تنظر للتنظيمات الموازية على أنها آليات لتحقيق المشروع لكن لم يكن أعضاؤها ينالون الرضى من قيادة الجماعة خصوصا صقور مجلس الإرشاد، وقد عانى مناضلو الفصيل الطلابي الذي تشكل بداية التسعينيات من ترويج اتهامات ضدهم وصلت حد وصفهم بالميوعة الأخلاقية وعدم الانضباط وضعف التدين لديهم وهو الاتهام نفسه الذي يوجه اليوم لبعض أعضاء الدائرة السياسية مما يفضح الانسجام الظاهري وسط الجماعة، بين تيار يستغرق في ممارسة السياسة والمناشط المدنية وتيار يرى في ذلك خروجا عن قواعد الدعوة الإسلامية وهو التيار الغالب. وترى قيادات في مجلس الإرشاد أن القطاع النسائي خرج عن طوق الجماعة وترى في تحركات قيادات نسائية وخصوصا ندية ياسين تطاولا على أخلاقيات الجماعة وأن القطاع النسائي في غالب الأحيان لا يلتزم بمبادئ الإسلام. من جهة أخرى حولت ناشطات العدل والإحسان اللقاءات التنظيمية للجماعة إلى سوق تجارية لترويج السلع من مختلف الماركات ومختلف الأسواق وخصوصا مواد التجميل التي تروجها الشركة الأمريكية "فوريفر ليفينك بروديكت" التي أصبحت تجارة مربحة وترى فيها قيادات الجماعة أنها أصبحت بديلا عن النشاط الدعوي والسياسي مما أجج الخلاف بينهما.