القايد الرميد عندما قال وزير الداخلية الأسبق أحمد الميداوي مازحا لأحد الصحافيين "كون كنتي ولدي نخلي دار بوك" قامت الدنيا ولم تقعد رغم أن الوزير أوضح السياق الذي وردت فيه العبارة. ورغم أن الوزير كان يمزح فإن الجسم الإعلامي لم يقبل هذا السلوك لأن عمل الوزير يمكن قراءته من جوانب عديدة باعتباره مزحة حقا وباعتباره رسالة موجهة إلى جهة ما. ولهذا لم نقبل أن يقول الرميد لأحد الصحافيين "عندي الحق نعتاقلك". أن يكون الرميد يمر بظروف شخصية فهذا شأنه، وقد قال أكثر من شخص إن له ظروفا خاصة أثرت على أعصابه وسلوكه، حيث ظهر هائجا أثناء جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين الثلاثاء الماضي على بعد أربعة أيام من الخطاب الملكي في افتتاح الدورة التشريعية الحالية، الذي ركز فيه على ضرورة الابتعاد عن الحسابات الشخصية وتكريس الجهد للعمل التشريعي ولمصالح الوطن، واعتبر كل من تابع تلك الجلسة أن هناك جهة تريد نسف كل هذا الجهد وتتحدى الخطاب، وهي الجلسة التي ظهر فيها الرميد بعيدا عن جبة الوزير بعد الشمس عن الأرض. إذا كانت للرميد ظروف شخصية تعيقه عن الاشتغال بعيدا عن الانفعال وبعيدا عن التصرفات العتيقة التي أكل عليها الدهر وشرب، فما عليه سوى أن يعالج مشاكله ويجد مخرجا لظروفه، لأن سلوكات الوزير محسوبة بدقة، وعندما نقول إن للرميد ظروفا خاصة لا يعني إعفاءه من المسؤولية حول تصرفاته مع البرلمانيين ولا تهديد زميل صحافي بالاعتقال. إن ما فاه به الرميد في حق الصحافي هو استغلال بشع لموقعه كرئيس للنيابة العامة، وهو استغلال للنفوذ ليس من أجله تم انتخاب الحزب الإسلامي ليقود الحكومة، ومن هنا تجد مطالب استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل والحريات صدقيتها وملحاحيتها حتى لا تبقى بيد حزبيين ليس لهم من هم سوى تصفية الحسابات مع خصومهم السياسيين والإعلاميين (تجدر الإشارة إلى أن الخصومة الإعلامية من خصائص حكومة بنكيران في جزئها الملتحي). في كل تاريخ المغرب لم نسمع أن وزيرا هدد صحافي بالاعتقال رغم حالة التوتر التي عرفها المغرب، وفي عز سنوات الرصاص لم نسمع بذلك، ولم يجرؤ وزير على القيام بمثل هذا السلوك. فهل سنعيش سنوات رصاص إسلاموية على عهد الرميد؟ في عهد من العهود عشنا مشاهدا من هذا النوع، يومها كان "القايد" يقوم باعتقال أي مواطن في مرحاض المقاطعة لمدة غير محددة. وقد تغير هذا الوضع مع تغير مؤسسة القائد التي دخلت مرحلة العصرنة وأصبح لها معهدا خاصا يكون أطرها. ولهذا نستسمح مؤسسة القائد في إطلاق لقب القايد الرميد على وزير العدل والحريات ومقصدنا هو القايد في الزمن الماضي. ونسأل الأديب عبد الكريم غلاب : هل دفنا الماضي أم أن قوى الماضي تريدنا رغما عنا أن نبقى ملتصقين به؟ إن سلوكات الرميد ليست منعزلة وهي توحي باستعداد حزب العدالة والتنمية على استغلال الحكومة لإنتاج سنوات رصاص إسلاموية.