لم يفهم الكثيرون بعد سر حقد بنكيران على وسائل الإعلام من مكتوبة ومسموعة ومرئية وإلكترونية، وهناك من يصدق رئيس الحكومة بأن أسباب غضبه المتواصل عليها يعود إلى كونها تشوش على عمل الحكومة وعلى إنجازاتها، وهي إنجازات عجز إعلام الحزب والطبالجية عن ذكرها لأنها غير موجودة. غير أن السر وراء ذلك يكمن فيما هو خفي في تكوين حزب العدالة والتنمية. وليس قطاع الإعلام وحده من نال حظه من غزوات بنكيران، وهي غزوات لا حدود لها ولا يمكن حصرها وعدها. منها خرجاته وقفشاته التي قال فيها عن بعض الصحف "أنو غاضي ينوض ليها" وانتهاء بتشكيكه في مصادر تمويل صحف لا تواليه دون أن يتوفر على دليل، وقد تكون هناك بعض التمويلات المشبوهة للإعلام لكن قد تتضمن صحفا موالية له والتي نسميها صحف الطبالجية، لكن مهما يكن الأمر لا يمكن إطلاق الأحكام الجزافية دون فتح تحقيق في الموضوع. ولم تكن كنانيش الخلفي للتحملات سوى جزءا من سلاح الغزوات حيث كانت تهدف إلى الهيمنة المطلقة على وسائل الإعلام التابعة للقطب العمومي للإعلام من أجل زرع بصمات الوهابية استجابة لنداء الوهابي العريفي "ضع بصمتك"، وكانت هي مكان إطلاق الصواريخ الموجهة لخصوم العدالة والتنمية. فليس هذا هو القطاع الوحيد الذي تعامل معه بنكيران ووزراؤه بريبة ولكن هناك قطاعات أخرى نالت حظها من هذا السلوك، إما ضربا تحت الحزام أو ضربا مباشرا أو حتى بالابتعاد عنها وتركها تغوص في مشاكلها أو عرقلتها، فقطاع الفن والسينما نال حقه من هجومات العدالة والتنمية أو حركة التوحيد والإصلاح بدعوى الرغبة في التأسيس للفن النظيف الذي ليس سوى رؤية سلفية لجميع الفنون التي تخضع عند هذه الحركة لمنطق الفتوى. ويبقى قطاع الرياضة الذي عاش مشاكل كثيرة من بين القطاعات التي غض بنكيران الطرف عنها، وكلما سئل رئيس الحكومة عن هذا القطاع رمى الكرة في مرمى الوزارة الوصية على القطاع، وابتعد كثيرا في هذا الموضوع. وهناك قطاعات أخرى لم يكن حظها بأحسن من القطاعات السالفة الذكر، وهي قطاعات كثيرة ومتعددة وتضم مجالات مختلفة. فما السر وراء التعامل بهذه الطريقة مع هذه القطاعات؟ ولماذا يكرهها بنكيران؟ لماذا يعاملها إما هجوما عنيفا وإما تهميشا؟ إن بنكيران يؤمن بصيغة دعه يموت موته الطبيعية وذلك عن طريق عدم تقديم المساعدة. فرئيس الحكومة مفروض فيه أن يتوفر على رؤية لكل القطاعات، رؤية شاملة واستراتيجية يتم تفعيلها عن طريق تكتيكات وزارية. لكن العكس هو الحاصل؟ فلماذا؟ ليس كره بنكيران لبعض القطاعات نابع من فراغ، فكل القطاعات التي تحدثنا عنها والتي لم نتحدث عنها ويُكن لها بنكيران العداوة فهي تدخل في نطاق المجالات التي لم تجد لها الحركة الوهابية وحركة التوحيد والإصلاح منها جوابا. فالمشكلة ليست في الإعلام ولكن أي إعلام نريد، والمشكلة ليست في الرياضة ولكن بأي صيغة، والمشكلة ليست في الفن ولكن في نوع الفن. هذا الغموض واللبس هو الذي يحكم تعاطي بنكيران مع بعض القطاعات التي مازالت غير محسومة بالنسبة إليهم كحركة وهابية.