وأخيرا اكتشف عبد الإله بنكيران، الحاكم بأمره وزعيم الحزب الحاكم، أن هناك أغلبية تتكون من أربعة أحزاب وباستثناء حزب العدالة والتنمية فإن الأحزاب الأخرى تأسست يوم لم يكن لبنكيران وجود لا في الحياة ولا في السياسة،واكتشف بنكيران أنه لم يحصل لوحده على الأغلبية المطلقة ليشكل الحكومة على هواه وإنما اضطر ليجمع حوله أحزاب أخرى قصد استكمال الأغلبية،وأنه تم التوقيع على ميثاق لتدبير هذه الأغلبية وقواعد وأسس دهس عليها بنكيران طوال ثمانية أشهر. بعد مرور كل هذا الوقت وهو زمن ليس باليسير في عمر الحكومات التي تحسب بالزمن السياسي وتضبط أوقاتها على غير عادة الناس، فهم بنكيران أن الخطاب السابق كان سحقا لميثاق الأغلبية، التي كانت "زايد ناقص" عند بنكيران. وتجلى ذلك في مجموع خطاب بنكيران، الذي تحول من استعمال أداة الجمع التي لم تكن تعبر سوى عن حزبه إلى استعمال "الأنا" التي تعبر عن دواخله، وأكثر من "أنا"، "أنا غاذي نعطي لكل مرة مطلقة شوية ديال لفلوس"، "أنا زدت عليكم فليصانص خدمة للفقراء"، والعديد من "الأنات" التي استعملها والذي داس فيها على شيء إسمه الأغلبية. وبعد أن فشل في قيادة الحكومة لوحده وبعد أن أفلس تدبيره للشأن العام تفكر أن هناك شيئا إسمه الأغلبية، لكن لا نعرف لماذا عاد بنكيران إلى الأغلبية مذكرا بأهميتها وبضرورتها؟ فهل اكتشف بنكيران أنه هاو في الحكومة وأراد الاستفادة من الأحزاب التي سبقته إلى هذه الحرفة على حد تعبيره؟ أم أنه كان يعتقد أنه سينجح وبالتالي يستثمر النجاح لنفسه ولما أدركه الغرق أراد توريط الأحزاب الأخرى معه؟ فبنكيران يريد الربح لنفسه وإذا كانت هناك من خسارة يقتسمها مع الآخرين. لم يفهم بنكيران أن تدبير الأغلبية لن يكون إلا جماعيا، وقد خرق هذا المبدأ مرارا وتكرارا. ولقد اتخذ العديد من القرارات الانفرادية التي لم يدافع عنها سوى هو و وزراء حزبه في الوقت الذي عارض فيه تلك القرارات وزراء من أحزاب أخرى. لقد نسي بنكيران أن هناك أغلبية يوم أعطى الأوامر لتلميذه الخلفي لينجز دفترا للتحملات حول القطب العمومي للإعلام كنا أول من شم فيه رائحة الوهابية التي تسعى للهيمنة على الإعلام العمومي، وبعد عرض دفاتر التحملات انبرى لمهاجمتها حلفاء بنكيران الذين اعترفوا جميعا أنه لم يستشرهم أحد في الموضوع "ما حاشاها ليهم حد"، وأن بنكيران وإخوانه استأثروا بكتابة "كنانيش" التحملات لوحدهم بل فاجأوا حلفاءهم بوجود هذه الدفاتر والمصادقة عليها بسرعة من طرف الهاكا. ونسي بنكيران أن هناك أغلبية يوم هاجم حزبه وزير الداخلية الذي هو نفسه الأمين العام لحزب الحركة الشعبية حليف حزب العدالة والتنمية في الحكومة. إن الأغلبية هي التي تشكل الحكومة ويوم يفهم بنكيران أنه ليس الحزب الوحيد في الحكومة يمكن أن ينطلق قطار العمل الحكومي أما إلى حدود اليوم فإن بنكيران ظل يتعلم كيف ينتج خطابا انتخابيا لا أقل ولا أكثر ولو كان ذلك على حساب البلد.