حاولت جماعة العدل والإحسان خلط الأوراق فيما يتعلق بحرب المساجد التي عوضت حرب الشواطئ. وبدل الحديث عن قانونية الاعتكاف في المساجد من عدم قانونيته لجأت إلى الاستشهاد بالقرآن الكريم، معتبرة أنه تم منع مساجد الله من أن يذكر فيها اسمه بمجرد منع عناصر من الجماعة حاولت احتلال المساجد خارج كل المبررات القانونية. ونود هنا أن نقف مع الجماعة في تفسيرها البليد والرهيب لأنه يلوي عنق الآيات ليا تحقيقا لأغراض سياسية. وحيث أن الآية التي استشهدت بها هي "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم". وردت فيها تفاسير كثيرة لم نعثر على واحد منها ينسجم مع ما ذهبت إليه الجماعة. يقول البغوي في تفسيره "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر" الآية نزلت في طيطوس بن إسبيسبانوس الرومي وأصحابه، وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل فقتلوا مقاتلتهم وسبوا ذراريهم، وحرقوا التوراة وخربوا بيت المقدس، وقذفوا فيه الجيف وذبحوا فيه الخنازير، فكان خرابا إلى أن بناه المسلمون. وقال قتادة والسدي : هو بختنصر وأصحابه غزوا اليهود وخربوا بيت المقدس وأعانهم على ذلك النصارى، طيطوس الرومي وأصحابه من أهل الروم، قال السدي : من أجل أنهم قتلوا يحيى بن زكريا، وقال قتادة : حملهم بعض اليهود على معاونة بختنصر البابلي (المجوسي) فأنزل الله تعالى ومن أظلم أي أكفر وأعتى ممن منع مساجد الله يعني بيت المقدس ومحاريبه. وقال ابن كثير رواية عن ابن جرير حدثني يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) قال : هؤلاء المشركون الذين حالوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، وبين أن يدخلوا مكة حتى نحر هديه بذي طوى وهادنهم، وقال لهم : ما كان أحد يصد عن هذا البيت. لقد خالفت الجماعة كل التفاسير المتوفرة في تأويل الآية الكريمة. وقد حاولت أن تصور أن المغرب دولة غير المسلمين الذين يشنون حربا على المسلمين، مع العلم أن من يرعى بيوت العبادة والأماكن المقدرة دينيا هي الدولة من خلال إداراتها المختصة ومن خلال وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. ومن يقرأ بيان الجماعة الذي جاء عبارة عن افتتاحية موقع الجماعة يخاله يتحدث عن مسلمي ميانمار. كانت المساجد في وقت من الأوقات تبقى مفتوحة لعابري السبيل، لكن مع تطور الأوضاع الاجتماعية لم يعد مقبولا تركها عرضة لمن هب ودب، لكن في تلك المرحلة كان معروفا عند المغاربة شيئا اسمه "ضيف الله" الذي انعدم اليوم. ففي ظل هذه التحولات في القيم لابد للمساجد من يحميها ويمولها. غير أن العدل والإحسان التي عادت من حراك 20 فبراير بخفي حنين أصبحت تبحث عن معارك على الهامش من أجل تحقيق أهدافها بدأت بمناورات لتنظيم مخيمات طائفية وعنصرية تمييزية وأعقبت بحرب المساجد التي لا تخلو من ذاكرين لله في رمضان وفي غير رمضان لكن صيانتها ورعايتها متعلقة بالدولة.