احتفل عمال المغرب أمس الثلاثاء بفاتح ماي لكن هذه المرة تحت حكومة أكثرت الوعود وأكثر إخلافها. وفاتح ماي يذكرنا بعبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة، يوم كان يعرف السياسة من خلال ما يقوم به غيره أو من خلال تضمين خطاباته وخطبه لقضايا سياسية. يوم كان بنكيران رجل دعوة ليس له في السياسة، وكان يتلمس الطريق عله يجد محتضنا مهما كان لونه، وجرب حظه مع حزب الاستقلال لكن أبوابه كانت موصدة في وجه حركة غامضة وملتبسة، وجرب حظه مع الدكتور الخطيب فوجد ضالته. في أحد الأيام كان عمال يحتفلون بذكرى فاتح ماي بالدار البيضاء تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، لم تكن هذه المركزية النقابية قد تعرضت بعد للقرصنة، وهي أول نقابة إسلامية أسسها المرحوم الخطيب سنة 1973 حيث لم يكن بعد بنكيران تبنى فكرة الإيديولوجية الإسلامية. في هذا اليوم كان يجلس جنب الخطيب رجل دعوة لم يكن معروفا جدا اسمه عبد الإله بنكيران. بعد كلمات الدكتور الخطيب ومؤسسي الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أعطيت الكلمة للداعية بنكيران، الذي ما إن صعد إلى المنصة حتى استرسل في كلام مزيج بين خطاب الواقع والنصوص المأثورة، ودخل في نوبة بكاء قائلا ما معناه كيف لبلد الشرفاء والمقاومين والعلماء أن يتحول إلى بلد تغني فيه أم كلثوم وغيرها، ولم يفهم الكثيرون هذا الكلام لأن الست أم كلثوم كانت قد شبعت موتا. ففاتح ماي ذكرنا كثيرا بهذه الواقعة التي يمكن أن تساهم في رسم صورة عن الرجل الذي يتولى اليوم رئاسة الحكومة. الرجل الذي يبغض الفن وأهله وبالتالي لا غضاضة أن يهاجم المهرجانات. الرجل الذي يبكي في الوقت المناسب. وهو بكاء شبيه بتلك الخرجات الشعبوية التي مارسها قبل الانتخابات والتي مهمة جدا في تقرير مصير حزبه. فبنكيران ينتقل من البكاء إلى الضحك إلى لعبة "الغميضة" دون أن يرف له جفن. فالبكاء يجلب التعاطف والضحك "يبرد" الجو المكهرب وبينهما يختفي ويظهر دون أن يجيب على احتياجات المواطنين. وبما أن المناسبة شرط كما يقال فإن فاتح ماي يفتح بئر الأسئلة على مصراعيه بما أنه يتعلق بالعمال والطبقة العاملة والمرشحون للشغل. ففي فاتح ماي تتم مساءلة بنكيران البكاء عن التزاماته ببرنامجه الانتخابي والحكومي وهو دفتر تحملات حقيقي. أين ما وعد به من رفع الحد الأدنى للأجر إلى ثلاثة آلاف درهم؟ أين هو عدد مناصب الشغل التي وعد بها؟ أين هي معالجة مشاكل الموظفين وقد بدأ متعثرا في جولات الحوار الاجتماعي الذي ينذر بكارثة؟ يعتبر فاتح ماي الحالي هو أول فاتح ماي في ظل حكومة بنكيران، ويمكن التشديد على أنه أسوأ فاتح ماي في ظل حكومة لا تلتزم بشيء فكلامها بالنهار يمحوه ظلام الليل ويتم التخلص منه بكلمة أو كلمتين والاتفاقات التي يتم التوافق عليها يتنكر لها بنكيران بسرعة. لا يمكن معالجة الأزمات والمشاكل بالبكاء ولا بالضحك ولكن بالبرنامج الحقيقي والصدق في العمل.