كشف قانون المالية عن علل كثيرة تعاني منها حكومة بنكيران، واتضح بما لا يدع مجالا للشك أن الأغلبية غير حقيقية ولكنها مفبركة كما سبقنا وأشرنا إليه واختلط الحابل بالنابل حتى لم نعد نعرف من في الحكومة ومن في المعارضة. العدالة والتنمية رأسه في الحكومة لكنه مثل الثعبان المضروب مازال ذيله في المعارضة. فكل يوم يخرج علينا قياديون من الحزب وزعماء من الحركة الأم بخرجات إعلامية تدوخ العاقل فبالأحرى من التبست عليه الأمور، فعندما يتحدث بعض قادة الحركة والحزب تحسبه حزبا خارج الحكومة بل خارج اللعبة السياسية برمتها إن لم نقل حزبا ثوريا. فالوزير الرميد والقيادي في الحزب مازال لم يستوعب بعد أنه وزير في حكومة بصلاحيات واسعة لم تنلها أي حكومة سبقتها، وينفي القيام بما هو من اختصاصه باعتباره رئيسا للنيابة العامة، ويخلط بين منصبه الوزاري وحرفته الدائمة المحامي ويغلب الثانية على الأولى. ولن نستمر في سرد ما قاله أبو زيد، المبشر بالثورة، ولا بوخبزة واصف النساء بالعاهرات ولا ما كتبه السلفي الشقيري الديني وهو يتحدث عن لطيفة أحرار ولا وصف أصحاب الرأي بالمليشيات العلمانية، وهذا مقتضى الاضطراب أو اللعب على الحبلين وهو عندنا المرجح. أما حزب الاستقلال فظهر مختلفا هذه الأيام عن الأيام الأولى للحكومة، ولم يعد يطبل للحكومة ولا يزمر لها، بل أصبح يعارضها معارضة شرسة أين منها معارضة فرق المعارضة. فنواب الحزب اتهموا حكومة بنكيران بنسخ كل ما قامت به حكومة عباس الفاسي مع التنكر له، وطالبوها بحرق كل كتب الحكومة السابقة "وترينا حنة يديها"، بل ذكرتها بما كان يقوله حزب العدالة والتنمية في المعارضة، الذي كان يصف الحكومة بالضعيفة والفاشلة، حيث اعتبر الاستقلاليون، أن الحكومة الفاشلة لا يجوز تقليدها. وخرج كريم غلاب، ولو متأخرا، لينسخ ما قاله عزيز رباح الذي حاول السطو في واضحة النهار على منجزات غيره وكاد يفلت من تهمة السرقة المكشوفة لولا أن أصحاب الحق قاموا للمطالبة بحقهم. وهل يجب علينا أن ننسى؟، هل ننسى أن كريم غلاب هو رئيس مجلس النواب وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال؟، هل ننسى أنه مرشح الأغلبية لرئاسة المجلس؟، هل ننسى قبلة بنكيران بعد الإعلان عن فوزه رئيسا لأول مجلس يتم انتخابه في ظل الدستور الجديد؟ ووجه عباس الفاسي انتقادات لاذعة لشريكه في الحكومة، تميزت بالوضوح التام والمكاشفة وعبر عن غضبة الاستقلاليين تجاه الطريقة التي يتعامل بها وزراء العدالة والتنمية مع باقي الوزراء وخصوصا وزراء حزب الاستقلال، واتخاذ القرارات بشكل انفرادي خصوصا بعدما صرح رباح، أنه استشار رئيسه في الحكومة الذي ليس سوى أمينه العام في الحزب. بعد كل الذي حدث وبعد كل هذه الانتقادات وبعد كل هذه الخرجات هل يمكن الحديث عن وجود الأغلبية وعن انسجام بين مكوناتها؟، وهل يمكن أن تسير الحكومة عرجاء؟، الحكومة اليوم تعيش أزمة حقيقية فإما أن تجيب عنها وتجد لها حلا وإما أن تموت.