ظهرت الخلافات التي تدور داخل العدالة والتنمية، والتي تتم السيطرة عليها بسرعة، جلية على تشكيل حكومة عبد الإله بنكيران، حيث تمايزت تيارات الحزب وتبين أن تيار حاتم، أي المتحدرين من حركة الإصلاح والتجديد أو جمعية الجماعة الإسلامية، هيمن بشكل كبير على المقاعد الوزارية، واستأثر حتى بالقطاعات المهمة في حين تم منح مصطفى الرميد وزارة العدل بحمولتها الثقيلة ولحسن الداودي وزارة صغيرة. والمتمعن في وجوه وزراء العدالة والتنمية يجد أن جلهم من المحسوبين على بنكيران والموالين له، ولم يحصل المحسوبون على رابطة المستقبل الإسلامي سوى على الفتات إن لم نقل لم يحصلوا على شيء، باعتبار أن مصطفى الرميد، وزير العدل الحالي، كان محسوبا على الرابطة يوم كان مديرا لجريدة الصحوة ولم يكن من قياداتها التنفيذية، ويوم استقوى لم يعد بحاجة لمن يدافع عنه، أما لحسن الداودي، فهو حالة خاصة داخل الرابطة، إذ ركب مغامرة سابقة تمثلت في تأسيس حزب الوحدة والتنمية رفقة قياديين في الاختيار الإسلامي وكان نائبه هو محمد الأمين الركالة، أحد معتقلي خلية بلعيرج السابقين، ونسي الداودي حزبه بعد مرور الأيام. وباستوزار الرميد والداودي يكون بنكيران قد أرضى إخوانه في رابطة المستقبل الإسلامي المندمجين في التوحيد والإصلاح، عن طريق شخصيات لم تكن مؤثرة في تاريخ الرابطة التي تكونت من جمعيات كانت أولوياتها التربية والتكوين. فالصراع بين بنكيران والرميد هو صراع الأقران، لأنه بعد توحيد والإصلاح والتجديد والرابطة كانت هناك تحفظات على بنكيران استفاد منها الرميد، وانتظر زعيم العدالة والتنمية عاصفة 16 ماي التي استفاد منها كثيرا عكس ما يظهر للعيان، إذ أن الأحداث قسمت ظهر الرميد خصوصا بعد اللقاء الذي جمع قيادة الحزب بمسؤولي وزارة الداخلية واستغلها بنكيران لينهي طموحات الرميد في الزعامة. وتشعر قيادات حاتم، أنها تستحق الهيمنة على مكتسبات الحزب والحركة. ذلك لأن إحساسا قديما ينتاب قياداتها بأنها هي من طبخ الطبخة وصنع كل هذه المكتسبات. وبالتالي فلا يمكن أن تسلمها لقيادة ونفوذ أبناء الرابطة أو إلى أيّ كان من باقي مكونات الحركة. اليوم، هم يعيشون المرحلة الذهبية من خلال الهيمنة على مقاليد الحزب والحركة بينما يعيش أعضاء الرابطة القدامى نوعا من التحجيم. وهؤلاء باتوا رهينة ل (حاتم) داخل الحركة، حيث ظلت حاتم بمثابة تنظيم داخل التنظيم، تراقب وتهندس وتتحرك بأهداف لا تشاركها فيها باقي المكونات في أحيان كثيرة وأحيانا تتصرف بسلوك سياسي لا تفهمه سوى حاتم نفسها. ولن تمر الجرة بخير، فحتما سيواجه بنكيران انتفاضة أبناء الرابطة الذين لن يصبروا كثيرا على هذا التمييز.