قفز علي أنوزلا، مدير موقع لكم، على تاريخ عمره 35 سنة ليستنتج نفس الخلاصة، مع العلم أن الخلاصة الأولى تبقى مجرد رواية من جانب واحد كون مصطفى السيد مؤسس البوليساريو ما كان ليفعل ذلك لو وجد آذانا صاغية لمطلبه القاضي بتحرير أرض أجداده، وبغض النظر عن صحة الرواية فإننا نشم منها رائحة عنصرية تخرج كريهة من كتابات الصحافي الرحالة وفق معطيات خزائن الأرض وما تدره عليه حتى لو كان صاحبها ديكتاتورا مثل القذافي أو محمد عبد العزيز، ومحاولة الربط بين تاريخ السيد وتاريخ واحد ممن شاركوا في أحداث مخيم كديم إزيك تعسف على التاريخ والجغرافية والمنطق. يحكي أحد رفاق الوالي مصطفى السيد في جبهة الوحدة والتحرير أنه لم يكن انفصاليا حتى ذهب إلى ليبيا فعاد منها بأفكار أخرى تدعو للانفصال وقال البشير الدخيل، أحد مؤسسي جبهة البوليساريو وصاحب تسميتها، لما عاد إلى المغرب "لقد أسسنا جبهة البوليساريو لأجل كرامة الصحراويين واليوم أرى أن كرامة الصحراويين في عودتهم إلى أرض الوطن بدل العيش تحت رحمة جنيرالات الجزائر"، فهل يمتلك علي أنوزلا، الذي لا يربطه بالبوليساريو إلا الثمن الذي يدخل جيوبه، حصافة ورؤية البشير الدخيل؟ ويجهل أنوزلا لماذا قال تلك القولة، فالأمر يتعلق بموقف مبدئي لأن البشير لم يدخل إلى أرضه ليقبض ثمنا. فهل كرامة الصحراويين، يا أنوزلا، في العودة إلى وطنهم في إطار حكم ذاتي يختارون فيه بأنفسهم من يسير شؤونهم العامة أم البقاء كذراع للنظام الجزائري ليوظفهم في أي لحظة كما فعل مع العصابة التي حورت المطالب الاجتماعية بمخيم كديم إزيك إلى حرب ضد القوات العمومية؟ وهل الحڭرة التي يتحدث عنها أنوزلا تتمثل في استشهاد 11 عنصرا من القوات العمومية ووفاة شخص واحد من المدنيين في حادث عرضي حيث دهسته سيارة رباعية الدفع؟ فالمنطق والتاريخ والجغرافية السياسية تفرض عدم المقارنة بين الوالي السيد كوحدوي بداية وانفصالي بعد ذلك، وبين شاب لا نعرف أصله ولا فصله وهل هو من المطلوبين للعدالة في الأحداث الأليمة للعيون؟، والتاريخ يقول إن العالم تغير وإن المنطقة تغيرت ولم يعد في الوجود نظام اسمه نظام العقيد القذافي الذي تآمر ضد المغرب لمدة 40 سنة وأن البوليساريو فقدت أصدقاءها وفقدت بريقها، ولم يعد الصحراويون يستوعبون كذبها ونهبها للمساعدات الدولية. إن الرؤية الساذجة التي قدمها علي أنوزلا لقضية الصحراء تنبئ عن سوء فهم كبير للقضية من حيث هي قضية تاريخية اجتماعية سياسية، وتنبئ عن جهل كبير بحقائق الواقع حيث قدم المغرب مشروعا لحل المشكل ولم يعتبره مشروعا نهائيا بل مفتوحا على النقاش، في الوقت الذي مازالت الجبهة وبدعم من أربابها بالجزائر تصر على أطروحات السبعينات من القرن الماضي التي لا يمكن أن يكون له موقع قدم في العشرية الثانية من الألفية الثالثة. نتفق مع أنوزلا على أنه ليس كل من في المخيمات هو مرتزقة، لكنها كلمة حق أريد بها باطل، فجبهة البوليساريو تضم مرتزقة لكن المخميات لا تضم لاجئين بل محتجزين، يعيشون شظف العيش بينما قيادة الجبهة وأزلامها يسرحون ويمرحون ويؤدون المال للعملاء مثل حالة صاحبنا، والدليل على ذلك أن مجموعات شبابية أصبحت تشكل خطرا على قيادة الجبهة وأسست حركة الثورة الصحراوية لإسقاط عبد العزيز الذي تعتبره حجر عثرة في وجه الحل السلمي للقضية. يبقى سؤال محير : من تكفل برحلة علي أنوزلا إلى مخميات تندوف وأين تم إيواؤه ومن عاشر أثناء مقامه، وكم كانت تعويضاته وثمن نشر مقالات مناوئة للمغرب الذي منحه الحرية؟