الشعب ينتظر من الحكومة المقبلة الكثير ورئيس الحكومة ينتظر منه الصبر. وبين انتظارات الشعب وما يمكن أن تنجزه الحكومة بون شاسع، وبين انتظارات عموم الشعب والنخب هوة كبيرة. ومباشرة بعد فوز العدالة والتنمية بالرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية وحتى قبل أن يعين جلالة الملك رئيس الحكومة قال الأمين العام للحزب بنكيران إنه مباشرة بعد تشكيل الحكومة وتنصيبها بعد نيل الثقة في البرلمان سنفاجئ المغاربة، نتمنى أن تكون المفاجأة سارة وفق المتعارف عليه وألا تكون من نوع مفاجآت الأعرابي الذي بال في بئر زمزم كي يشتهر ويدخل التاريخ. هناك خلط لدى العدالة والتنمية بين انتظارات الشعب وانتظارات بعض النخب، ويبدو أن الحزب الأول يهتم بالثانية ولا يعير أدنى اهتمام للأولى، معتبرا من خلال ما استقاه من النخب أن انتظارات الشعب تتلخص في اجتناب الإقصاء والاحتواء والإملاء وتخليق الحياة العامة، ووضع ميثاق شرف الوزراء وبلورة مشروع قانون مالي لمرحلة انتقالية وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وغيرها من انتظارات على هذا المنوال. المواطن يحتاج إلى إجراءات عملية ولا يهمه الحديث عن الإقصاء الذي هو موضوع صراع سياسي مله ولا يريد توريطه في نزاعات سياسية لا دخل له فيها، بل يريد من الحكومة مشاريع عملية يلمس نتيجتها بشكل مباشر. والمواطن العادي ليس له في شأن إطلاق كافة المعتقلين السياسيين، ولا يعرف حتى المهتمون مدى أولوية هذا الموضوع في غياب تحديد دقيق لمفهوم المعتقل السياسي، وهل المتورطون في أحداث 16 ماي الإرهابية معتقلون سياسيون أم مجرمون؟ الشعب ينتظر من الحكومة أن تفي بالجزء الأكبر من برنامجها الانتخابي، وينتظر أن تتحول الوعود إلى حقائق وآنذاك سيصفق لها الجميع بمن فيهم من يختلف معها ويعارضها، وحتى الذين لم يكونوا يرغبون في قيادة العدالة والتنمية للحكومة سيذهبون مسرعين لتهنئتها إذا ما حققت طموحات الشعب لأن العبرة بخدمة الوطن لا بمن يقدم الخدمة. الموظفون لا يهمهم شيء اسمه قانون المالية أو معتقلون سياسيون أو ..، ولكن يهمهم أن يفي بنكيران بوعده ويرفع الحد الأدنى للأجر إلى 3 آلاف درهم، وهو وعد يبدو من الصعب تحقيقه في الظرف الراهن خصوصا مع غموض استراتيجية بنكيران ومجموعته، فيما يتعلق بالإنتاج بما يعني أنه لا توجد لديه موارد مالية لتحقيق وعوده. إن غياب رؤية اقتصادية شاملة لدى العدالة والتنمية هو الذي أوقعها في حفرة الوعود صعبة التنفيذ، ويعاني حزب الإسلاميين من ضبابية الرؤية للعملية الاقتصادية كعملية معقدة تجمع بين الإنتاج وظروفه وارتباطه بالتصور السياسي، والخلفيات المرجعية للحزب وبين التسويق الذي يمكن أن يصطدم بتعبيرات أخلاقية متجاوزة للحزب الأول والاستهلاك والمفهوم الجديد للحياة. إن انتظارات الشعب المغربي من الحكومة قد تصطدم برؤى متخلفة يمكن أن تعرقل عجلة الإنتاج في إطار تصور غير واضح لمفهوم توزيع الثروة.