ليس البرنامج الانتخابي جملا إنشائية لاستمالة الناخبين ولكن هو قاعدة المحاسبة الجماهيرية. يعني أنه بعد مرور مدة من الزمن تتم محاسبة الحكومة وفق البرنامج الذي تعاقدت عليه مع الناخبين، ويكفي أن تحقق الحكومة جزءا مهما من برنامجها لأنه يستحيل تحقيق مائة بالمائة، لكن لا يمكن الاهتمام بالنقط الصغيرة وترك الكبيرة. ففي حالتنا اليوم هناك حزب فائز برقم مهم ألا وهو حزب العدالة والتنمية. وقد قدم هذا الحزب برنامجا فيه إجراءات كثيرة التزم بتنفيذها وقال بنكيران في أول تصريح له بعد الفوز سنفاجئ المغاربة مباشرة بعد تشكيل الحكومة. وقد خصص البرنامج الانتخابي لحزب لعدالة والتنمية، 1500 من الإجراءات المتنوعة ابتداء، من الصحة ومرورا بالتعليم والاقتصاد والتنمية البشرية، ووصولا إلى مناخ الأعمال والمنظومة الضريبية. وفي المجال الاقتصادي، يركز البرنامج الانتخابي أساسا على بناء اقتصاد وطني قوي وتنافسي ومنتج وضامن للعدالة الاجتماعية من خلال اعتماد مقاربة جديدة ومندمجة، ورفع التنافسية وإرساء قواعد الشفافية والفعالية والحكامة الجيدة وتحسين مناخ الأعمال، مشددا على التزامه بإحداث نظام جديد للمالية العمومية وللإطار الضريبي الذي يتعين أن يكون قائماعلى الفعالية والاندماج . وأكد البرنامج، على المستوى الاجتماعي، على التزام الحزب بتحسين مؤشر التنمية إلى ما دون مرتبة 90، وتقليص نسبة الأمية إلى 20 بالمائة في أفق 2015 و10 بالمائة في أفق 2020، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى ثلاثة آلاف درهم والحد الأدنى للمعاشات إلى 1500 درهم، علاوة على مضاعفة الرعاية الصحية للطفل والأم ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 3 آلاف درهم. كل ما نتمناه هو أن يحقق حزب العدالة والتنمية ما وعد به الناخبين، لكن هناك ما يجعلنا حذرين إذ أنه في مجموعة من المدن التي تولى تسييرها لم يفلح في تحقيق برنامجه الانتخابي ولنقل إنه أخلف وعده في العديد من المحطات المهمة، وبالتالي فإن الوعود الواردة في البرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية ستكون امتحانا عسيرا لبنكيران وحزبه وهو امتحان تأهيلي لتندمج حركة التوحيد والإصلاح في العمل السياسي من خلال حزب سياسي سيصبح شبيها بباقي الأحزاب لا يتغول عليهم بالصفة الدينية. والالتزام هو أولى بوادر النجاح في الامتحان، لأن المغاربة لا يهمهم من يكون الحزب وخلفيته وكثير من الأمور ولكن يهمه من يحقق مطالبه ويجيب عن أسئلته الحقيقية ويعالج مشاكله اليومية والاستراتيجية، مشاكل التعليم والتشغيل والصحة. لكن من غير المقبول أن يكون رئيس الحكومة ومجموعته لا يفهمون المعادلات المالية، فمن غير المنطقي إدعاء شيء ما دون القدرة على تنفيذه، فعندما يقول العدالة والتنمية إنه سيرفع الحد الأدنى للأجر إلى 3 آلاف درهم سيفرح بسطاء الموظفين والعاملين، لكن هذه معادلة مالية صعبة، فالمخارج تفترض وجود مداخل لا يمكن معالجتها بإجراءات ضريبية مضطربة. فهل سيلتزم رئيس الحكومة بما وعد به.