يعبر المغاربة اليوم الجمعة عن اختيار جديد، عن تأسيس مرحلة غير المرحلة التي سبقت تاريخ 25 نونبر، فاليوم يوم حاسم في تاريخ المغرب، هو حاسم مهما كانت النتيجة بعد أن قرر الشعب المغربي في خياراته الكبرى من خلال التصويت على الدستور الجديد، وبالتالي سيكون اليوم حسم في أي تردد يتعلق بتنزيل بنود الدستور الجديد على أرض الواقع وجعلها حاكمة ومؤطرة لأساليب تدبير الشأن العام. من اليوم ستكون بنود الدستور هي الحاكمة، وستكون روحه كذلك، فيحق من الآن لأي مواطن أن يذهب للمحكمة ليطعن بالأدلة في انتخاب مرشح برلماني، إذ لا مجال في البرلمان الجديد لأي صنف من أصناف الغش، وسيذهب الناخب اليوم للصندوق وهو مطمئن إلى أنه سيختار من يمثله في برلمان له من الصلاحيات ما يكفي لبناء دولة المؤسسات القوية، بمعنى أن البرلماني اليوم هو ممثل للناخبين وحاكم في الوقت ذاته باعتبار أن رئيس الحكومة يتم اختياره من الحزب الذي يفوز بالرتبة الأولى وفق البند السابع والأربعون من الدستور الجديد. وقبل هذا وذاك تستعد التشكيلات السياسية الرئيسية للتفاعل مع نتيجة الانتخابات، فالأغلبية أغلبية الصندوق والأقلية أقلية الصندوق، وتوجد الأحزاب في حالة تأهب قصوى، نتمنى أن تستمر طوال السنة، وفي الانتخابات تتوتر الأعصاب لكن في السياسية ينبغي تقبل الفوز وعدمه حتى لا نقول الهزيمة التي تكون طبعا بين الأعداء أما الانتخابات فهي معركة بين متنافسين، باستثناء ما لاحظناه من تبادل للاتهامات بين بعض التشكيلات السياسية، التي لا تقبل ببعضها البعض وهو مناف للروح الديمقراطية، التي تقتضي قبول الآخر والتنافس على البرامج والالتقاء حول المشترك. فالروح الديمقراطية تقتضي قبول النتيجة مهما كانت، والقبول بفوز الغريم السياسي. فعند إعلان النتائج سيكون هناك فائزون وسيكون هناك غير الفائزين، سيفرح أولئك وسيحزن هؤلاء، وإن كانت اللحظة التاريخية تقتضي أن يفرح الجميع لأن المسألة ليست مسألة تخص حزبا سياسيا ولكن تخص المغرب برمته، لأن اللحظة مفصلية. هذا هو المطلوب والمرتجى، لكن المعطيات المتوفرة والظروف توحي بأن ما بعد النتائج سيعرف بعد التوترات، فستقوم بعض الأحزاب بقلب الدنيا، فإذا فازت ستقلب الدنيا فرحا وطربا قد يخرجها عن حدود المعقول، وإذا لم تفز ستملأ الدنيا ضجيجا. لم يعد من حق أحد أن يحتج على الانتخابات، فالقضاء أمام الجميع وهو ضامن نزاهة الانتخابات، ومن أحس بأنه متضرر أو وقع في حقه غبن فعليه أن يسلك المسلك القانوني. وقد أظهر القضاء خلال الحملة الانتخابية أنه لم يستثن أحدا من عقوباته التي مست جل الأحزاب السياسية. القضاء مشرف على الانتخابات وحاكم وسط بين المتنافسين، والنتائج محدد في قيادة المرحلة، وغير ذلك دعوة للفتنة وقانا الله شرها.