فاز حزب الشعب اليميني الإسباني بالأغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية، حيث حصل على 186 مقعدا مقابل 111 للحزب الاشتراكي. ووعد ماريانو راخوي زعيم هذا الحزب ببذل قصارى جهده لحل الأزمة الاقتصادية ومكافحة البطالة التي تمس 21 بالمائة من سكان إسبانيا، والحزب الشعبي الإسباني هو وريث تراث الجنيرال فرانكو الذي حكم إسبانيا بالحديد والنار لمدة 35 سنة، وبعد انتهاء الحقبة الفرانكوية كانت هناك ترتيبات بموجبها تتقاسم المعارضة، الممثلة حاليا في الحزب الاشتراكي، وبقايا فرانكو، الممثلين في حزب الشعب، السلطة مما حذا بالغاضبين في مدريد برفع شعار إسقاط الديكتاتورية الانتخابية. لكن قصتنا مع فرانكو وأحفاده دائما كانت مؤلمة، فهي استعمار لجزء من أراضينا بالشمال والجنوب وعداء مستحكم لمصالح المغرب من طرف حزب الشعب الإسباني. وصول حزب راخوي للسلطة في إسبانيا يعني دعم أكبر للبوليساريو ومناوءة المغرب في مصالحه، وإطلاق اليد للانفصاليين ليعيثوا في الأرض فسادا، ويعني أن اللوبي الإسباني المعارض للمغرب سينتعش وستضخ فيه دماء جديدة. ووصول حزب راخوي للسلطة بإسبانيا يعني التضييق على الصادرات المغربية ويعني مضايقة المستثمرين المغاربة، وتضييق الخناق على السلع المغربية بغير وجه حق. ووصول حزب راخوي للسلطة بإسبانيا يعني مضايقة المهاجرين المغاربة بإسبانيا إن لم نقل طرد جزء منهم. والحزب الشعبي الإسباني بارع في هذا المجال، فهو يصنع المكائد ويصدرها للمغرب، وهو الذي لعب لعبة مخيم كديم إزيك وثبت تورط عناصره في دعم البوليساريو ودعم انفصاليي الداخل. وهو الحزب الذي يدعم كل الأعمال المستفزة للمغرب ورموزه من قبيل الزيارات التي يقوم بها رئيسه لسبتة ومليلية المحتلة. لسنا في وارد التخويف من وصول راخوي للحكم بالجارة الإيبرية ولكن نضع الأمور في نصابها، ونقول إن علاقات أخرى بين المغرب وإسبانيا ممكنة إذا ما تعامل حزب الشعب الإسباني ببراغماتية انتخابية فقط. فلو فكر زعماء الحزب الفرانكاوي لوجدوا أن علاقات سليمة مع المغرب أجدى وأنفع من صراعات لها أبعاد تاريخية لا تخدم إلا مصلحة بعض المرتزقة والمنتفعين، ولا تخدم مصالح الشعبين الإسباني والمغربي، ولو فكروا لوجدوا أن مصلحتهم في الجنوب لا في غيره، وأن المغرب بوابة مهمة لإسبانيا. ولن تستطيع إسبانيا تجاوز أزمتها الحالية بدون علاقات جيدة مع المغرب لأن بالمغرب فرص كثيرة للاستثمار، ولأن العديد من المستثمرين الإسبان يعتبر المغرب ملاذهم وهم الذين طاروا إلى العيون أثناء الأحداث المفتعلة بمخيم كديم إزيك، مؤكدين على استعدادهم للاستثمار في العيون المغربية. إنه من مصلحة راخوي الانتخابية، لا شيء آخر، أن يربط علاقات جيدة مع المغرب.