إن "المغرب يؤكد استعداده سواء على الصعيد الثنائي وخاصة مع الجزائر الشقيقة في إطار الدينامية البناءة الحالية أو على المستوى الجهوي، للتجسيد الجماعي لتطلعات الأجيال الحاضرة والصاعدة، إلى انبثاق نظام مغاربي جديد، يتجاوز الانغلاق والخلافات العقيمة، ليفسح المجال للحوار والتشاور، والتكامل والتضامن والتنمية. نظام مغاربي جديد يشكل، بدوله الخمس محركا حقيقيا للوحدة العربية، وفاعلا رئيسيا في التعاون الأورو- متوسطي وفي الاستقرار والأمن في منطقة الساحل والصحراء، والاندماج الإفريقي"، هكذا تكلم الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى السادسة والثلاثون للمسيرة الخضراء. وجاء هذا الكلام ليحدد سياق التطورات التي يعرفها العالم والعالم العربي أساسا، والخطاب هنا يحيل على التكتل والوحدة باعتبارهما خيارين لا مندوحة عنهما لأي تجمع إقليمي كي يندمج في المنظومة العالمية دون مشاكل. فلم يعد هناك مكان في العالم للدول المنعزلة، وبالتالي فإن التكتلات الإقليمية أصبحت ضرورة تاريخية، وقد حدد الخطاب الملكي أهداف التكتل المغاربي، وذلك من أجل أن تكون دول المغرب العربي الخمس محركا حقيقيا للوحدة العربية، وكي يكون هذا الاتحاد عنصرا رئيسيا على مستوى التعاون بين ضفتي المتوسط، وبإمكان وحدة دول المغرب العربي أن تساهم في بث الاستقرار في الساحل والصحراء. فالمغرب الذي استوعب منذ مدة التحولات العالمية كان سباقا إلى التقاط إشارات التغيير، وبالتالي أصبح نموذجا يمكن أن يحتذى به في الاستجابة للتحولات لكن دون عمليات قيصرية كما حدث في بعض دول المنطقة. الخبر الذي تم إعلانه يقول، إن وزارة الخارجية الجزائرية قالت إن وزير الخارجية مراد مدلسي التقى نظيره المغربي الطيب الفاسي الفهري في الرباط، واتفقا على ضرورة عقد اجتماع "عاجل" لمجلس وزراء اتحاد المغرب العربي. وقال المتحدث باسم الخارجية الجزائرية عمار بلاني إن الوفدين الجزائري والمغربي، اعتبرا أن "اجتماع مجلس وزراء اتحاد المغرب العربي أصبح أمرا عاجلا لتقييم الوضع في المنطقة وأفق التعاون المغاربي". إذن لم يعد خيار التكتل والوحدة رغبة مغربية ولكن أصبحت رغبة مغاربية، ولقد فرضت التحولات التي عرفتها المنطقة ورحيل بنعلي ومقتل القذافي خيارات أخرى ووجهات نظر أخرى للتعاون المغاربي. أما المغرب فقد كان خياره التاريخي دائما هو وحدة المغرب العربي كقوة إقليمية، فالمغرب هو البلد الذي يوجد في أقصى العالم العربي ورغم ذلك تمت دعوته قصد الانضمام لمجلس التعاون الخليجي، لكن المغرب لم يهرول كما كان يعتقد البعض ولكن تشاور وتحاور بهدوء معلنا أن انضمامه للمجلس لا يعني تخليه أبدا عن وحدة المغرب العربي باعتباره الخيار الاستراتيجي للقوة الإقليمية.