الشعار الذي يرفعه اليوم الجميع، وزارة داخلية وأحزاب سياسية ومرشحون، هو "اللي فرط يكرط"، حيث أن حملة محاربة الفساد الانتخابي عامة وعيون الجميع يقظة، وسلطة القضاء بالمرصاد، ولم ينجو أحدا منها، حيث أن العينات التي شملتها الحملة تنتمي لجل الأحزاب المشاركة في الانتخابات وبالتالي فإنه ليست هناك انتقائية في محاربة الفساد الانتخابي. وقد عملت وزارة الداخلية على متابعة ومراقبة كل الشكايات وكل ما يكتب حول الحملات الانتخابية وسياقها وعن الخروقات التي تقع هنا وهناك، وبدا واضحا أن المواجهة مع الفساد الانتخابي شرسة ولا هوادة فيها. ومواجهة الفساد الانتخابي بهذه الشراسة مؤشر قوي على وجود ضمانات كبيرة لنجاح العملية الانتخابية ولنزاهتها، وبالتالي وضع حد لكل التخرصات والتقولات حول تزوير الانتخابات التي يتولى كبرها البعض. قد يصعب إثبات الفساد في الميدان الانتخابي ولكن يستحيل كذلك نفي وجوده. ولهذا نشهد في كثير من الأحيان بعض السياسيين من الذين تدور حولهم شائعات الفساد الانتخابي يغيرون من أساليب الاحتيال، وقد يعمد البعض إلى أساليب قانونية لا تحوم حولها شبهة، لكن استغلال النفوذ سواء من خلال الإدارة أو إمكانيات الجماعات المحلية مما يعتبر امتيازا لبعض المرشحين دون غيرهم يدخل، في نظرنا، ضمن الفساد الانتخابي. ومن الضمانات التي وضعها المشرع قصد الحد من الفساد الانتخابي، من خلال شراء الأصوات والتمويلات المشبوهة للحملات الانتخابية، هو وضع سقف محدد كحد أقصى للإنفاق على الحملات الانتخابية، لذا فإن المرشحين الذين يتجاوزون سقف الإنفاق هذا سيخاطرون باعتبار حملتهم غير قانونية أو بالتعرض للمنع من الاشتراك في الانتخابات المقبلة، وتقوم الدولة بتمويل الأحزاب السياسية وفق ما تحققه من نجاح في الانتخابات، وكل ذلك يستهدف الحد من الفساد الانتخابي. ولا نزاهة للانتخابات دون محاربة الفساد الانتخابي. وعلى الرغم من الصعوبة الكامنة في تعريف مفهوم النزاهة، إلا أنها تعتبر عنصراً أساسياً من عناصر النظام الديمقراطي. فالنزاهة ملتصقة التصاقاً كلياً بمبادئ الديمقراطية، حيث أنها تسهم في إدارة انتخابات حرة، والتي بغيابها تكون الديمقراطية عرضةً للتساؤلات. ويتم تعريف مفهوم النزاهة على أنها مجموعة من المعايير المستندة إلى مبادئ الديمقراطية، والوسائل الكفيلة بحماية حرية ونزاهة الانتخابات. ففي كل انتخابات هناك الرابحون والخاسرون، لذلك فإن درجات الاهتمام بالانتخابات عالية والإغراءات كثيرة لمحاولة الفوز بها، حتى وإن كان ذلك من خلال اللجوء إلى وسائل أو ممارسات غير قانونية أو غير أخلاقية، حيث يمكن أن نجد محاولات للتأثير على الانتخابات. لذا فالانتخابات التي تخلو من النزاهة من شأنها تقويض أهداف الانتخابات الديمقراطية، ولا يمكن اعتبارها نزيهة وعادلة. وليس غريبا ولا مستغربا في ظل الدستور الجديد أن نرى حرص الجميع على مرور الانتخابات في أجواء من الديمقراطية وبعيدا عن كل مظاهر الفساد الانتخابي حتى لو كانت بسيطة.