لا تخلو مائدة إفطار إسبانية على الإطلاق سواء صيفا أو شتاءا من حلوى "التشوروس" اللذيذة، التي يتم تناولها مع الشيكولاتة الساخنة، وهي عبارة عن معجنات على هيئة أصابع تشبه حلوى "بلح الشام" المعروفة في العالم العربي، إلا أنها تتميز بالطول والهشاشة مع القرمشة، مما يضفي عليها مذاقا خاصا، غير أن شواهد تاريخية مذهلة تؤكد أن هذه الحلوى صنعت في مصر الفرعونية!! ويمثل عبور "التشوروس" من شمال البحر المتوسط لجنوبه عودة طريفة إلى الجذور، فهذه الحلوى التي انتشرت في إسبانيا ومنها إلى معظم دول أمريكا اللاتينية وشمال المغرب، قد يظن من يراها للوهلة الأولى أنها تنحدر من أصول عربية أو فاطمية، أثناء الوجود الإسلامي في الأندلس (711-1492)، لكن المدهش في الأمر أن هذه الحلوى اتضح أنها لها جذور فرعونية، وهو ما تثبته الجدارية التي تصور صناعتها والتي عثر عليها بمقبرة رمسيس الثالث أشهر حكام الأسرة العشرين، (1183 ق.م. - 1152 ق.م). وتصور الجدارية الطريفة، مراحل إعداد العجين وتخميره وتقطيعه لأصابع مفرودة أو دوائر اسطوانية ثم قليه في الزيت ووضعه في الشراب للتحلية وتقديمه في صواني مستديرة، وهي تقريبا نفس الخطوات التي يتم إتباعها لإعداد الحلوى الإسبانية في الوقت الحالي، مع الفارق أن الفراعنة لم يستخدموا الشيكولاتة بل استخدموا عسل النحل. وفي الوقت الحاضر، تحضر هذه الحلوى في شمال المغرب على الطريقة الإسبانية نتيجة التأثير الكبير للاستعمار الإسباني على عادات الأكل في كل من طنجة وتطوان والعرائش. جدير بالذكر أن مشروع تقديم حلوى "التشوروس" في مصر بدأه رجل الأعمال شريف حليم، حيث قام بافتتاح محل متخصصا في صناعة هذه الحلوى بأنواعها وأشكالها اللذيذة، ويعتزم إقامة 10 مراكز مماثلة في كل من لبنان ودبي وتركيا، بحلول عام 2011. ويوضح أن الجمهور يفضل التشوروس بكل مذاقاته، ولكن الصنف الذي يشهد إقبالا شديدا هو أصابع التشوروس المغمورة بالسكر المطحون والتي تقدم مع الشيكولاتة الغامقة، مشيرا إلى أن الجمهور يحرص على متابعة مراحل تصنيعها من خلف الواجهة الزجاجية بشغف وفضول.