دعا الباحث المغربي، سعيد شبار، عضو المجلس العلمي الأعلى (هيئة دينية رسمية)، إلى "إصلاح منظومة التفكير والعلوم الإسلامية من أجل تفاعل إيجابي" مع عصر العولمة. جاء ذلك في مداخلة له خلال ندوة فكرية، اليوم السبت، بالعاصمة الرباط حول كتابه "الثقافة والعولمة وقضايا إصلاح الفكر والتجديد"، نظمها مركز "مغارب للبحوث في الاجتماع الإنساني" (غير حكومي). وقال شبار إن العولمة "ليست مسالمة ومعترفة بالثقافات، وإنما فيها نوع من العدوانية تجاه الخصوصيات والهويات لدى الشعوب الأخرى". واعتبر الباحث، الذي عمل أستاذا للفكر والدراسات الإسلامية بجامعة بني ملال (وسط المغرب)، أن "التفاعل الإيجابي مع العولمة هو الخيار الممكن ما دام لا يمكن تجاهلها أو رفضها". وأوضح أن "التفاعل الإيجابي مع العولمة يقتضي نوعا من الإصلاح في نظام الفكر الذي يعاني من مخلفات انحطاط تاريخية اصطحبها معه منذ قرون". وتكمن الخطوة الإصلاحية الأولى، حسب شبار، في "إصلاح الفكر ونظام التفكير داخل الثقافة الإسلامية عن طريق التحرر من السلبيات ومظاهر الانحطاط القديمة التي رهنت الفكر لتقليد الماضي أو الاستسلام للحاضر"، دون مزيد من التوضيح لتلك السلبيات والمظاهر التي تحدث عنها. وأضاف شبار أن "إصلاح الفكر يحتاج إلى إصلاح العلوم الإسلامية"، التي قال إنها "استقرت في بنيتها على أوضاعها منذ القرون الأربعة الأولى ولم تعد تسمح ببناء نظام علمي وفكري للأمة (الإسلامية) يتفاعل مع الطروحات الكونية". ورأى الباحث المغربي أن "معظم العلوم الإسلامية سِمتها الجمود والتكرار والصورية"، مؤكدا أن "النَّفَس التجديدي في بنية العلوم الإسلامية يجب أن يكون مطردا وأن لا يتوقف". وخلص إلى أن "هناك اليوم عودة للدين والقيم في العالم ككل، حيث تقف البشرية حائرة لأن النموذج الذي عندها لا يلبي حاجيات الإنسان المتعددة". وأشار شبار إلى أن "البشرية تتجه اليوم للبحث عن النموذج الأقوم وليس الأقوى حيث الطموح المستقبلي هو القيم التي من خلالها يسترجع الكائن البشري كينونته ووجوده في الحياة". الباحث المغربي، قال "للأسف عندنا مرجعية لها إمكانية هائلة في الاستيعاب ولها بعد تركيبي للظواهر، لكن العلوم التي تم استخلاصها من هذه المرجعية كانت بعقلية الطائفة والمذهب ولم تستثمر البعد الكوني الذي بإمكانه أن يوازي البعد الإنساني الذي تدعو له العولمة".