في جلسة ثقافية وفكرية، احتضنها مقر مركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني، كشف سعيد شبار، رئيس المجلس العلمي المحلي لبني ملال، عن المعالم الكبرى لكتابه "الثقافة والعولمة وقضايا إصلاح الفكر والتجديد في العلوم الإسلامية"، الذي كان محور قراءة علمية. وأشار رئيس مركز دراسات المعرفة والحضارة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة المولى سليمان-بني ملال، إلى جدلية المحلي والكوني، وعلاقة الثقافة بالعولمة ومستويات التفاعل، وكذا علاقة الثقافة بالهوية وتأثراتها، فيما بيّن أن كتابه لا ينحو منحى الرفض الكلي للعولمة ولا القبول الأعمى لها، "إنما هو خيار وسط، إذ تحولت العولمة إلى رهان ثقافي وقيمي، يحتاج بالمقابل إلى إصلاح داخلي للذات والفكر". سعيد شبار توقف عند الإصلاح في الثقافة الإسلامية مؤكدا أنه لم يحدث تطور معرفي حقيقي في تاريخ الإسلام "باستثناء بعض الفلتات القليلة، مما جعل النّفس التجديدي غير مطرد ولا مستمر"، ليتساءل مؤلف الكتاب بعد ذلك عن المداخل الحقيقية لإصلاح العلوم الإسلامية، مشددا على أن دور الكتاب هو التنبيه إلى بعض مواطن الإشكال في الثقافة الإسلامية بغية تجديدها وإصلاحها. من جهته، اعتبر عبد الله إدلكوس، الذي قدم قراءة في فصول الكتاب ومباحثه، أن رؤية الناس للوجود والآخر هو نتاج التراكم الثقافي، ليسرد بعد ذلك بعض محددات الثقافة؛ على رأسها: التوازن بين الوحدة والتنوع، وسبر أغوار النموذج الكامل. كما ناقش الكتاب عبد الله هداري، الذي افتتح مداخلته بالإشارة إلى التكوين المتنوع للكاتب، وأثر ذلك في إضفاء البعد التكاملي على الكتاب، مؤكدا على ضرورة التكامل بين العلوم في تناول مثل هذا الضرب من الموضوعات، ليتوقف عند التراث ودوره اليوم في الإصلاح، وتحوله عند البعض إلى عائق، وضرورة التسلح بالوحي من أجل تمحيص العلوم الإسلامية وتجديدها. أما مصطفى المرابط، رئيس مركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني، فقال بأن العولمة ليست ظاهرة جديدة، "بل الجديد فيها سُرعتها، إذ اعتمدت على تقنيات جديدة أعطت لها زخما مع غياب قوى حقيقية يمكن أن تحد من سرعتها أو تنافسها"، مشيرا إلى أن أهمية العولمة اليوم تكمن "في مسّها جوهر الإنسان وهو القيم، فأيقظت بذلك الإنسان المعاصر". وأورد رئيس مركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني أن هناك مفارقة في العالم العربي الإسلامي تجاه العولمة، "هناك من يعتبرها مرآة نقيس بها وعليها الذات، ويقرأ من خلالها منجزاتها وقدراتنا في التدافع معها، ومن جهة أخرى لا يتم النظر إلى العولمة كموضوع، بل يحضر بكثافة الجانب الوجداني من الذات في النظر إليها مما يجعل الذات مركزية في نظرها للعولمة"، معتبرا أن هذه المركزية الوجدانية في النظر للظواهر "تحرمنا من تأمل الظاهرة في تعقدها وفي مدى عكسها لظاهر الإنسان الغريب".