الممثل المصري الذي احتفظ أينما حل ببريق النجم وخطف الأضواء رغم المشيب .. اهتم في السنوات القليلة الماضية بالمشاركة في أفلام مصرية وأجنبية تدعم التسامح الديني والإنساني. ولم يكن عمر الشريف في هذا الخيار ينطلق من مشاركات غير واعية بدور الفن بل كان يرى نفسه ملتزما بقضية الإنسان أيا كان دينه وعبر عن ذلك في مقابلة تلفزيونية في الآونة الأخيرة قائلا "شيء سخيف أن يتصارع أصحاب الديانات وأن يتصارع أصحاب الدين الواحد." وكان الشريف زميل دراسة للمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد (1935 - 2003) ودخل الإسلام قبل نحو 60 عاما ويراه كثيرون رمزا للتسامح الديني ونتاجا لأجواء من التسامح الإنساني وقبول الاختلاف مع الآخر وغير ذلك من المعاني التي كانت سائدة في مصر حتى صعود التيارات الإسلامية المتشددة في السبعينيات. وأدى الشريف عام 2003 دور العجوز إبراهيم في الفيلم الفرنسي (مسيو إبراهيم أيه ليه فلير دو كورآن) المقتبس من رواية الفرنسي-البلجيكي إريك إيمانويل شميت (السيد إبراهيم وزهور القرآن) وفاز عن دوره بجائزة أحسن ممثل (جائزة سيزار الفرنسية) في فبراير شباط 2004. ويتناول الفيلم علاقة إنسانية وصداقة نادرة تربط إبراهيم المسلم الذي تجاوز السبعين والصبي اليهودي موييس (موسى) والتي تتجاوز "كل تلك العقبات العنصرية والدينية والحضارية لتقدم لنا علاقة إنسانية جميلة بين مسلم ويهودي. بين شرقي وغربي. بين كهل وصبي... قصة حب بين شطري هذا العالم" كما سجل محمد سلماوي مترجم الرواية في مقدمة طبعتها التي صدرت في القاهرة عام 2005. كما شارك الشريف عام 2008 في الفيلم المصري (حسن ومرقص) الذي يحيل إلى المسرحية المصرية (حسن ومرقص وكوهين) التي قدمها نجيب الريحاني في الأربعينيات من تأليف بديع خيري ثم قدمت الفكرة نفسها في الفيلم المصري (حسن ومرقص وكوهين) الذي أخرجه فؤاد الجزايرلي عام 1954. ولكن حذف (كوهين) من الفيلم الذي أنتج عام 2008 أثار سؤالا عن اختفاء كوهين الذي كان أحد أضلاع مثلث الفيلم الذي أنتج عام 1954 وما زال يعرض في التلفزيون المصري. والشريف الذي غادر مصر نجما في بداية الستينيات وعاد إليها نجما في منتصف الثمانينيات يكاد يكون الممثل المصري الوحيد الذي حظي بالتقدير ممثلا وإنسانا حيث تداول مواطنون بعد وفاته يوم الجمعة مقاطع فيديو من لقاءاته التلفزيونية التي يحث فيها على التسامح. وكان الشريف يعي دور السينما بإجادة انتقاء أدواره التي عالجت التشدد الديني بمصر في فيلم (حسن ومرقص) كما تجاوز حدود بلاده ليصل إلى مناقشة الأفكار المؤسسة للتطرف في فيلم (مسيو إبراهيم أيه ليه فلير دو كورآن) حيث يقول الصبي بعد أن توثقت صداقته بإبراهيم "مع مسيو إبراهيم أدركت أن اليهود والمسلمين وحتى المسيحيين كان لهم رجال عظام كثيرون مشتركون قبل أن يتعاركوا فيما بينهم."