رغم أن المغاربة انتظروا طويلاً ليروا كيف هي نهاية قصة الحب الجامحة التي كان بطلاها الوزيران الحبيب وسمية، إلا ان الحكومة فعلت أخيراً خيراً، بأن تقدم الكوبل الحكومي بقرار استقالتهما، فيما أعفي الوزير عبد العظيم الكروج بعد فضيحة الشكلاط الشهيرة، لينضم الثلاثة الى فريق المغضوب عليهم شعبيا وحكوميا رفقة اوزين صاحب فضيحة الكراطة العالمية. القرار الذي تقدمت به الحكومة كملتمس إلى الملك هو قرار جريء، ويجب تثمينه في دولة ما تزال تبحث عن مُستقرٍ لها على سكة الانتقال الديمقراطي، خاصة بعد حراك 20 فبراير الذي رفع شعار اسقاط الفساد والاستبداد.. فطبيعي أن تتعرض تجربة حكومية، مطلوب منها لتُجيب على هذا الشعار، إلى هزات سياسية واجتماعية، لكن من المثير أن تضحي برؤوس وزراءها حتى لا تعم بلواهم باقي الوزراء. شخصياً لا أرى في قضية الكوبل الحكومي أي مبرر لأن ترتقي لمصف الفضيحة السياسية، رغم أنها قضية أثارت الرأي العام الذي امعتض منها ووضع الحكومة في صورة مراهقة، إلا أن للإعلام لم يسجل على الوزيرين لحظات حميمية او اختلاء بينهما أو رسائل غرامية متبادلة تدفعهما للعقاب والمحاسبة، فالرجل كشف نيته في خطبة الأخت الوزيرة بعد طلاقها، ولأن الحب يعمي صاحبه، فقد خرج الطرفان يردان في فيسبوك على الاتهامات التي طالتهما وكشفا من حيث لا يدريان عن حيثيات تهم حياتهما الخاصة على حساب منصبهما الحكومي المعتبر. ما يهم حاليا، هو أن الحكومة، وتحت ضغط الإعلام والرأي العام، وضعت لنفسها قانوناً جديداً لا يحتمل التأجيل : "لي فرّط يكرّط"، الاستقالة أو الإقالة، فلم يعد المواطن المغربي يحتمل سماع ردات وفضائح سياسية تهز الحكومة التي صوت عليها في مرحلة فارقة لما بعد دستور 2011، دون أن يرى لذلك تفاعلاً وحتى قلقاً باديا على بنكيران أو حتى الجالس على العرش. في الطرف الآخر، يبقى الإعلام المغربي في الواجهة، ومعه نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تفاعلوا بنشاط نضالي و بلياقة مع جل الأحداث التي هزت المغرب السياسي وأعقبها تحرك من السلطات العليا، ويكفي أن نذكر بقضية العفو الملكي عن مغتصب أطفال مغاربة أو ما اشتهر عليها ب"كالفان غيت"، وفضيحة "السطل والكراطة" في موندياليتو الرباط، وفضيحة الشكلاط مع الوزير الكروج.. أما في الجهة الأخرى تماماً، فكان رد حزب العدالة والتنمية واضحاً وكأنه يقول "ربنا لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا"، وتضمن بلاغه توضيحا يقول فيه إن تقديم الحبيب وسمية لاستقالتهما "وضع حداً للتشويش السخيف الذي طال التجربة الحكومية"، وهي إجابة مباشرة على الحرب الكلامية التي شنها بشراسة حميد شباط لأسابيع متواصلة وطاف بعلاقة سمية والحبيب كل المدن المغربية وكأنه يحملهما في عمارية ويصرخ أن هذا الزواج عار!! إذا كان من خصم سياسي شرس سيبقى عقدة نفسية للإخوان فهو شباط، الرجل الذي لا يخجل من نعته بالسيكليس، تمكن من زعزعة العرش الحكومي في عدة مناسبات، بدءً من خروجه غير المسبوق من الائتلاف الحكومي بعد تنصيبه أمينا عاما على حزب الاستقلال، معلنا إبان ذلك وحتى الآن طموحه الجامح في إسقاط بنكيران من رأس الحكومة، مستعملا في ذلك أعتى الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، من قبيل التشهير بالوزراء واتهام بنكيران بعلاقته بداعش والموساد والتنظيم العالمي للإخوان المسلمين. هنيئا للحكومة بهذا القرار الجريء، ومبروك للحبيب وسمية، فمن الآن فصاعداً يمكن لهما التفرغ لحياتهما الشخصية بعيداً عن تدبير شؤون المغاربة المعقدة، أما باقي الوزراء المحترمين، فالدور قادم على من فرّط أو أفرط.. وكراطة التعديل الحكومي وراء باب بنكيران.. وهي لكم بالمرصاد!!