"كل ما حل المغاربة حل الخراب" مقولة قد تبدو صادمة٬ إلا أنها مقولة مفضلة عند البعض٬ أصبحوا يرددنها في كل مناسبة اجتمع فيها عدد كبير من المغاربة٬ فعند كل احتفال سواء نهاية رأس السنة أو داخل الملاعب ... نسمع أو نقرأ في المواقع الإلكترونية٬ وصفحات الجرائد اليومية، تقارير صحفية عن إنجازات رجال الأمن في إلقاء القبض على عدد كبير من المجرمين، وكأن الاحتفال عند المغاربة مناسبة لخلق الفوضى وتنامي الإجرام. يقول إبراهيم٬ شاب في العشرينات من عمره في سخرية واضحة من خلال نبرة صوته" الدارالبيضاء تتفن في خلق الحدث فاحتفال برأس سنة في هذه المدينة لا يمر بسلام على أقل بالنسبة للصوص والسكارى ومدمني المخدرات وأصحاب السوابق العدلية، الذين اختاروا الاحتفال بطريقتهم الخاصة، تحت عنوان عريض "كازا نيكرا"، يعربدون ويهددون المرة٬ وهم في حالة سكر طافح، خالقين حالة استنفار أمني" يضيف بنفس نبرته الساخرة " لا أحبذ الخروج من المنزل ليلة رأس سنة، بصراحة المغاربة يكونون غير عقلاء، فالأسلم لي البقاء في المنزل وسهر أمام شاشات التلفزيون". رأس السنة بطعم الدم يبدو أن إبراهيم ليس الوحيد الذي يفضل قضاء ليلة رأس السنة في المنزل، فمراد البالغ من عمر 40 سنة، والذي يعمل مدرسا، هو الآخر لا تراوده فكرة السهر خارج المنزل فهو يقول في حزم:" أفضل المكوث في المنزل والاحتفال أمام شاشة التلفاز، فأنا أخشى السهر خارج المنزل بسبب اللصوص والمجرمين والسكارى اللذين يقطعون الطريق على المرة، فمن يعرف من الممكن جدا أن أكون أحد ضحاياهم؟". يتابع حديثه " أعتقد أن المجتمع المغربي أصبح يعرف تراجعا على مستوى الأخلاق والقيم الإنسانية" مضيفا في حسم " كل تلك المظاهر المخلة مثل السكر العلني، والفوضى، مست بشكل أو بآخر أسس المنظومة التربوية التي تتعرض إلى الاختلالات جمة خاصة في المناسبة مثل احتفال برأس السنة، التي يسجل فيها عدد الاعتقالات ومعدلات الجريمة ارتفاعا مقارنة بالأيام العادية". المغاربة عنيفون يبدو أن عبد اللطيف ليس وحده من يؤكد أن المغاربة عنيفون٬ فعلماء علم الإجتماع يؤكدون بدورهم أن العنف من سمات طباع المغاربة٬ فحسب محسن بن زكور، باحث في علم النفس الاجتماعي، يوضح " أن المغاربة عندما يكونون في حالة "حشد" في تجمع معين سواء في الشارع أو وسط جمهور٬ يتعمدون تغييب العقل وبالتالي تغييب الأخلاق٬ لتصبح ردة فعلهم عنيفة٬ لكن السبب الحقيقي حسب بن زكور يتمثل في كون المجتمع المغربي أصبح سطحيا أكثر من اللازم٬ مبرزا بكون المجتمع المغربي استبدل القيم والمبادئ والأخلاق إلى كل ما هو استهلاكي٬ بما في ذلك المعاملات الإنسانية٬ فهو يقول" عندما أقول المبادئ لا أقصد المبادئ الاسلامية بل المبادئ الإنسانية مثل السلم٬ الاحترام٬ والأخلاق٬ فكل هذه القيم استبدلها المغربي إلى كل ما هو وصولي وانتهازي٬ مما أفضى إلى العيش على حساب الآخر بقتله و إقصائه٬ وتعنيفيه" موضح أن أغلب المغاربة أصبحوا يعيشون وفق المثل القائل " أنا وما بعدي الطوفان"٬ فهم لا يكترثون بالآخر وأكد محسن بن زكور٬ أن المشكل الحقيقي في تفشى العنف لدى المغاربة متمثل في عقليتهم وتصاعد من تأثير وسائل الإعلام على نفسية المغاربة خاصة برامج التي تبثها بعض القنوات مثل مسرح الجريمة وغيرها من البرامج٬ بالإضافة إلى الأفلام العنف٬ التي تأثر سلبا على المشاهد خاصة المراهقين و الأطفال٬ رافضا بكون الفقر عاملا رئيسيا في حالة العنف والإجرام٬ موضحا أنه ليس كل فقير عنيف٬ مشيرا إلى أن المشكل هو مشكل عقلية وغياب القيم٬ بالإضافة إلى العنصر الثاني وهو تراجع سطة الأسرة التي استبدلت بسلطة الإعلام٬ بالإضافة إلى الانترنيت والشارع دون أن ننسى تراجع سلطة المدرسة المرض البريطاني حاضر بقوة في الملاعب المغربية شغب الملاعب أو المرض البريطاني كما يحلو للبعض تسميته٬ هو في الأصل ظاهرة كونية٬ إلا أن الخصوصية المغربية تكمن في كون الشغب لا يكون بضرورة في حالة خسارة فريق معين٫ بل يمكن أن يكون أيضا في حالة انتصار، فالمغاربة بالرغم من فوز فريقهم المفضل إلا أنهم يفضلون خلق نوع من الفوضى والعنف داخل الملعب وخارجه. يحكي مهدي 15 سنة من عمره، الذي عاش شغب الملاعب في تلك المباراة٫ أن عشقه لكرة القدم دفعه إلى التوجه إلى الملعب لاستمتاع بالمباريات إلا أن صغار سنه جعله ضحية المباراة الموت كما يصفها البعض٬ فهو يقول :" كدت أن أصاب بعاهة مستديمة على مستوى اليد عندما أصيبت بالخطأ بزجاج قنينة، فقد كنت وسط الشغب والفوضى داخل المركب الرياضي محمد الخامس حيث تم رشق الجماهير فيما بينهم بحجارة قنينات الزجاجية " يضيف " اليوم لم أعد أستطيع مشاهدة المباريات في الملاعب٫ لإنه لم يعد آمنا" يؤكد مهدي أن المواجهات تحولت في بعض الأحيان إلى خارج الملاعب الرياضية، وتستعمل فيها مختلف أنواع الأسلحة، وغالبا ما تؤدي في النهاية إلى إصابات يتم نقل أصحابها إلى مصالح المستعجلات٫وكما تتعرض الحافلات إلى تكسير زجاجها والاعتداء على ركابها، وتحدث أحيانا محاولات للسطو على الأبناك وعمليات سرقة من داخل المحلات التجارية. فبمجرد انتهاء المباراة، يتسبب المشجعون من كلا الفريقين، سواء خسروا أو ربحوا المباراة، أعمال الشغب، مما يجعل الظاهرة خطيرة يصعب ضبطها من طرف رجال الأمن