شهدت مدينة ورقلة في جنوب شرق الجزائر اليوم السبت تظاهرة شارك فيها آلاف الجزائريين، الذين أتوا من مناطق شمالية وجنوبية للتنديد بمشروع الغاز الصخري، والذي بدأت الحكومة في تنفيذه بمدينة "إن صالح" ومناطق صحراوية أخرى. شارك الآلاف في الاحتجاج الذي نظم اليوم السبت في مدينة ورقلة الجنوبيةبالجزائر تنديدا بمشروع استخراج الغاز الصخري الذي بدأت الحكومة الجزائرية تنفيذه. وحضر التجمع عدة رموز من المعارضة مثل جيلالي سفيان، رئيس حزب "الجيل الجديد" ووزير الزراعة السابق نور الدين بحبوح المقرب من علي بن فليس القيادي البارز والمعارض لبوتفليقة، إضافة إلى محسن بلعباس رئيس حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، وعمار خبابة القيادي في جبهة العدالة والتنمية وجمعيات مدنية وبيئية مناهضة لمشروع الغاز الصخري. وتجمع المحتجون في التاسعة صباحا أمام مقر بلدية ورقلة، التي تعتبر رمزا لنضال العاطلين عن العمل في هذا البلد الغني بالثروات النفطية، ورفعوا شعارات رافضة لمشروع الغاز الصخري أبرزها "صامدون، صامدون وللغاز الصخري نحن رافضون"، "حزبا جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي باعا الجزائر"، و " الغاز الصخري لن يمر". تخوف من وقوع صدمات خطيرة في المستقبل بسبب الغاز الصخري وتشير المعلومات التي حصل عليها موقع فرانس24 من مكان الاحتجاج أن التظاهرة استقطبت حوالي 4000 شخص قدموا من ولايات عديدة من أرجاء الوطن وجرت في أجواء هادئة سادها غياب قوات الأمن التي تمركزت بعيدا عن مكان الاحتجاج لتفادي وقوع مواجهات -ربما كانت قد تكون دامية- مع المحتجين حسب سفيان جيلالي، رئيس حزب "الجيل الجديد" المعارض لنظام الرئيس بوتفليقة. وفي حوار هاتفي مع موقع فرانس 24، أكد سفيان جيلالي أن التعبئة ضد الغاز الصخري مستمرة حتى تتراجع الحكومة الجزائرية عن قرارها، وأشار إلى احتمال وقوع صدامات خطيرة في المستقبل في حال رفضت الحكومة التراجع عن قرارها الذي وصفه ب "غير الصائب". وقال: "إنها مسألة حياة أو موت، النظام الجزائري الفاشل يقوم بكل ما يريده منذ 50 عاما، لقد حان الوقت أن يستمع إلى الشعب وينفذ ما يطلبه". "النظام الجزائري يريد أن يشتري السلم الاجتماعي بأي ثمن" وأضاف جيلالي: "بوتفليقة أعطى وعودا للشركات الأجنبية، خاصة الأمريكية لاستخراج الغاز الصخري مقابل أن يبقى في السلطة رغم مرضه واستحالته على ممارسة الحكم بشكل دستوري". وتنبأ سفيان جيلالي بكارثة بيئية حقيقية لأن النظام الجزائري يريد استخدام الكم الهائل من المياه الجوفية الموجودة في الصحراء لاستخراج الغاز الصخري بالرغم من أن تكلفة استخراج هذه المادة توازي تكلفة استخراج النفط". ووعد جيلالي بتعبئة الجزائريين وتحذيرهم من مخاطر هذا المشروع واستعداد الدولة الجزائرية إلى استخراج الغاز الصخري مهما كلف الثمن، لأن هذه الدولة حسب تعبيره تريد أن تشتري السلم الاجتماعي وبقاءها في السلطة بكل الوسائل. هذا، وردد المتظاهرون شعارات أخرى مناهضة للنظام الجزائري منها "سلال ارحل"، " انهضوا أيها الجزائريون بوتفليقة باع البلد" و"يا لويزة حنون الصحراء بالفيزا". الغاز الصخري "هبة من الله" من جهته، خاطب محسن بلعباس رئيس حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" وهو حزب علماني ديمقراطي المتظاهرين قائلا: "لقد أعطتنا مدينة إن صالح دروسا في المواطنة ومررت رسائل كثيرة أبرزها مقاومة مشروع الغاز الصخري، لكن للأسف النظام الجزائري لا يعرف كيف يقرأ هذه الرسائل ولا يستطيع فهمها". وصعد إلى المنصة مسؤولون آخرون، منهم ممثلون عن جمعيات مدنية وبيئية وخاطبوا الحاضرين شاكرين كلهم مدينة ورقلة وسكانها الذين أعطوا "درسا بارزا في الوطنية وفي الاحتجاج السلمي". ورغم درجات الحرارة العالية التي تميز المنطقة، إلا أن الاحتجاج استمر حتى منتصف النهار عندما قرأت اللجنة المناهضة للغاز الصخري بيانا تندد فيه بتصرف الحكومة داعية إياها إلى ترك المشروع جانبا والاستجابة لإرادة الشعب الذي يرفض استخراج الغاز لأسباب بيئية. وبعد نهاية التجمع، تفرق المحتجون في هدوء بانتظار تنظيم وقفة احتجاجية أخرى في مدينة جديدة إحدى مدن الجزائر. وليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها الجزائر احتجاجات شعبية ضد مشروع استخراج الغاز الصخري المثير للجدل. لكن رغم التعبئة القوية، إلا أن الحكومة الجزائرية لم تستجب لمطالب الشعب، ورئيس الحكومة عبد المالك سلال أكد مرارا أن الحكومة مستمرة في مشروعها لأنه "يدخل في إطار السيادة الوطنية ويعتبر هبة من الله".