يرتبط مفهوم الفرانكوفونية بتاريخ فرنسا الاستعماري في إفريقيا ، الذي بدل ما في وسعه لخلق نخبة من المجتمع لترسيخ الثقافة الفرنسية في البلاد ، محدثا بذلك في النسيج الاجتماعي جماعة محظوظة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي تعمل على حماية مصالحه ونشر نمط للحياة والتفكير. وهي بذلك تختلف عن اللغة الفرنسية ، التي ترتبط بثقافة وحضارة وعبقرية وحساسية إبداع أدبي وفني ذي قيمة لا يمكن إنكارها. فهي لغة ساهمت بسخاء كبير في إغناء التراث الثقافي الإنساني. فالفرانكفونية أداة إيديولوجية مغلفة بغطاء ثقافي للهيمنة الاقتصادية على دول إفريقية، تستعمل فيها فرنسا إمكانيات متنوعة لتحقيق لتضمن التبعية لها اقتصاديا وثقافيا. الأستاذ و رجل الأعمال المغربي نور الدين عيوش ، تحدث عن سيطرة اللغة الفرنسية على عالم الأعمال في المغرب ، وكذلك عن ارتباط المغرب بفرنسا .وهو بذلك لم يتخلص من عقدة الفرانكفونية كأداة ثقافية ولغوية إيديولوجية و استعمارية فكرية في نفس الوقت ، تجعل الإنسان المغربي أسيرا لنمط حياة محدد وموحد. وعلى الأساس يعتبر الأستاذ عيوش أن اعتماد الإنجليزية لن يعطي ثماره إلا بعد عقدين من الزمن، ملحا على ضرورة عدم تضييع اللغة الفرنسية، لكونها لغة أكثر من ثلاثين دولة ، وأن للمغرب علاقات اقتصادية كبيرة مع فرنسا والعديد من الدول الإفريقية، وعلى المغاربة أن لا يفرطوا في هذه اللغة . وإذا كان الأستاذ عيوش يدافع عن مصالح فرنسا بالمغرب ، فإني أؤكد له أن المغرب لم تعد في مصلحته التشبت بلغة أجنبية مثل الفرنسية ، التي تشهد تراجعا حتى في بلدها الأصلي. فالفرنسيون أنفسهم أصبحوا يعتمدون اللغة الإنجليزية لمواكبة المستجدات العلمية. فاللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية في الدول الإفريقية التي استعمرتها فرنسا. رؤساء تلك الدول يخطبون في شعوبهم باللغة الفرنسية ، هذا بالإضافة إلى سيطرة تلك اللغة على الإدارة والاقتصاد .كما أن الفرنسية لغة لا يتحدثها في العالم سوى 2 % من البشر، لكن فرنسا لا زالت تعول على الدول الإفريقية كي تصبح الفرنسية أكثر حضورا، وتتمنى أن يشكل الأفارقة 86% من الناطقين بها في أفق عام 2050. تحاول فرنسا جاهدة، أن توهم الأفارقة بأن لغتها هي السبيل لتنمية إفريقيا، رغم أن حضورها في القارة منذ أزيد من قرن لم يفد الأفارقة في شيء – حسب أحد المحللين - . ففي ميدان العلوم الرياضية والفيزيائية والطبية ، وفي فرنسا نفسها، نجد أن أزيد من 90%من الأبحاث تنجز و تنشر باللغة الإنجليزية ، وعندما يسافر المرء في كافة أرجاء العالم سيلاحظ أن لا أحد يتكلم الفرنسية باستثناء فرنسا و إقليمكيبيك وبعض مواطني سويسرا وبلجيكا و بعض الدول الإفريقية . فالغالبية العظمى من السكان في العالم تفهم الإنجليزية، و أمريكيا اللاتينية تتحدث الاسبانية و البرتغالية، وأوروبا اللغة الأولى فيها هي الألمانية ، و حتى اليابانية فهي أكثر انتشارا من الفرنسية. فكفى من لغة أصبحت فاشلة عالميا. فاللغة الفرنسية لم تعد تنتج أي معرفة في مجال البحث العلمي والتقني ، كما أن العالم الرقمي هو إنجليزي بامتياز و البحوث العلمية المتقدمة منشورة بالإنجليزية ، ففي المستقبل سوف تنقرض الفرنسية لا محالة .وأرى أنه آن الأوان أن يعتمد النظام التعليمي بالمغرب اللغة الانجليزية ، وأن يعمم تدريس الانجليزية كلغة ثانية منذ التعليم الأولي ، وبذلك يمكن للمغرب أن يخطو خطوات مهمة في التقدم إلى الأمام في شتى المجالات ، وسيقلص من نسبة عطالة الخريجين حملة الشواهد الجامعية ،لأن ستكون لهم آفاق واسعة لسوق الشغل.