دافع مساء أمس وزير الداخلية الإسباني ألفريدو روبالكابة عن شرعية المذكرة السرية التي كانت قد عممتها وزارته على مراكز الشرطة، والتي تأمر بالقيام بحملات لإلقاء القبض على أكبر عدد ممكن من المهاجرين المقيمين بصفة غير شرعية على التراب الإسباني. وتحدى الحزب الشعبي بأن يلجأ إلى المحاكم إذا كان يرى أن المذكرة مخالفة لقوانين البلاد، مؤكدا " التعليمات بطبيعة الحال قانونية"، و أضاف بأنها " تشرح للشرطة ما عليها فعله" بالمهاجر المقيم بصفة غير شرعية. وعلل روبالكابة إصدار مذكرة مطاردة المهاجرين غير الشرعيين بقلق الحكومة بشأن المهاجرين السريين "المرتبطين بالإجرام و بالسوابق البوليسية". و بالتالي فملاحقة هذا الصنف من المهاجرين سيؤدي إلى ترسيخ "أمن المواطنين". عادة ما يتم التأكيد على أن المصالح الإنتخابية تقود أحزاب اليمين و اليسار على السواء إلى محاولة استقطاب ما يسمى "المواطن الوسط"، فتتقارب سياسات و خطاب كل من اليسار و اليمين إلى حد ما، لكن تصريحات روبالكابة قد تجاوزت التقارب إلى التطابق، و إلا فما الفرق بينها و بين تصريحات بيرلوسكوني التي يقرن فيها بين الهجرة و الإجرام، زاعما أن إرتفاع معدلات الهجرة يعني ارتفاع معدلات الجريمة. جدير بالذكر أن مزايدات الحزب الشعبي على الحكومة الإشتراكية في هذه النقطة، لاتتعلق بمضمونها و طبيعتها و إنما بشكلها. فالذي أثار استياء الحزب الشعبي هو سرية المذكرة، فاليمين يريدها مطاردة معلنة، فكما يؤكد مسؤول الهجرة في حكومة مدريد خابيير لاسكيني، فإن السرية في المذكرة تحرم رجال الأمن من الحماية القانونية، حيث أضاف في تصريح يوم أمس أن "رجال الأمن لهم الحق في ممارسة عملهم في ظل حماية دولة القانون، كما أن الرأي العام له الحق في معرفة ما يجري". و يشار إلى أنه قد تتالت ردود الفعل ضد هذه المذكرة و تفعيلها، و كان أول المحتجين هي النقابة الموحدة للشرطة. فقد أدانت هذه النقابة المذكرة لخرقها الواضح للحقوق الدستورية من جهة، و من جهة أخرى، لعدم توفيرها الحماية اللازمة لأجهزة الشرطة ، لأن طبيعتها السرية تحرم رجل الأمن من الحماية القانونية، فتصرفه على ضوئها قد يعرضه للإدانة القضائية. ودعت النقابة في بيانها رجال الأمن إلى عصيان تعليمات المذكرة. و قد أدانت جمعيات المهاجرين من طرفها تفعيل المذكرة، خاصة في كاطلونيا حيث يتعرض المهاجرون لمضايقات و عمليات مطاردة و اسعة. فقد أدانت جمعية العمال المغاربة المهاجرين بإسبانيا حملات مراقبة الهوية التي تشنها أجهزة الأمن على الجالية المغربية، و كذلك فعلت كوديناف كاطالونية. كما أكدت فيدرالية جمعيات أمريكا اللاتينية في كاطالونيا، أنها تلقت من منخرطيها العديد من الشكاوى تتذمر من المطاردات الواسعة للمهاجرين في كاطالونيا، و التي عمت شوارع برشلونة، خيرونا و طارغونا وغيرها، واعتمدت كمعيار وحيد للتفتيش السحنات و الملامح. من جهة أخرى أكد حزب المبادرة لأجل كاطالونيا خضراء، أن مجموعة من المهاجرين رهن الإحتجاز في مركز الإعتقال الوقائي بهذه المنطقة، قد دخلوا في إضراب عن الطعام احتجاجا على إعتقالهم، و على ظروف الحجز، و المعاملة السيئة التي تلقوها من السلطات الإسبانية. لكن الأمر الغريب الذي" يخربط" الذهن و يخلط الأوراق، هو إعلان خوان أنطونيو ميلان رئيس لجنة بلديات ويلبا للهجرة و عمدة بلدية كارتايا، عن وجود اتفاق مع المغرب لإستقدام أزيد من 3000 عامل مغربي ، للإشتغال في جني الحوامض التي يتأذن موسم جنيها بالحلول. مظهرا أن في نظام المجموعات المستقلة في إسبانيا كل جهة " تلغا بلغاها"، فكطالونيا تطرد و ويلبا تستقدم و الحياة تستمر و سبحان مفرق الأرزاق.