قررت إسبانيا شن حملة جديدة ضد المهاجرين في وضعية غير قانونية واستخدام جميع الوسائل الممكنة آخرها المذكرة "السرية" الجديدة التي أصدرتها وزارة الداخلية والتي تطالب باعتقال وترحيل أكبر عدد ممكن من المهاجرين في وضعية إدارية غير قانونية. فبعد القرار الذي كانت تعتزم تطبيقه إحدى البلديات الكاطالانية برفض إدراج المهاجرين في وضعية غير قانونية في سجلاتها، وهو الأمر الذي يحرمهم من تسجيل أطفالهم في المدارس والحصول على الخدمات الصحية والاجتماعية وتسوية وضعيتهم الإدارية بإسبانيا في حال الحصول على عقد عمل، كشرت السلطات الأمنية الاسبانية مجددا عن أنيابها ضد المهاجرين في وضعية غير قانونية بعد تسريب مذكرة "سرية" جديدة أصدرتها وزارة الداخلية تستهدف ترحيل أكبر عدد ممكن من المهاجرين غير الشرعيين. - هجوم جديد يستهدف المهاجرين في وضعية إدارية غير قانونية: وقد صدرت هذه المذكرة الداخلية "المحصورة على وحدات الهجرة والحدود بالشرطة الاسبانية" بتاريخ 25 يناير الماضي من قبل الإدارة العامة للشرطة والحرس المدني في إسبانيا، وتأمر باعتقال أي مهاجر عند نقطة تفتيش لا يمكن أن يثبت توفره على بطاقة الإقامة في إسبانيا وتطالب أفراد الشرطة بالتسريع في إجراءات الترحيل في أقرب وقت ممكن. كما تطالب المذكرة "السرية" ب "تحديد هوية أكبر عدد من المهاجرين" والتسريع بإجراءات الترحيل ضد أولئك الذين يوجدون في وضعية غير قانونية وهددت بفرض عقوبات على أفراد الشرطة الذين يرفضون الانصياع لهذه الأوامر. - مفارقة: أول رد مندد بالمذكرة "السرية" يأتي من نقابات الشرطة الاسبانية: ومن المفارقة أن يصدر أول رد فعل للتنديد بإصدار هذه المذكرة الداخلية عن هيئة الشرطة الاسبانية نفسها، التي أعلنت عن قرار اللجوء إلى المحاكم للطعن في الدورية رقم 1 / 2010 الصادرة عن المفوضية العامة للهجرة والحدود لأنها تتعامل مع المهاجرين "كما لو أنهم مجرمون". وأكدت النقابة الموحدة للشرطة أن الهدف من وراء هذه المذكرة يتمثل في إرغام أفراد الشرطة على تنفيذ عدد محدد من الاعتقالات في صفوف المهاجرين مطالبة بسحب هذه المذكرة. ودعت النقابة أفراد الشرطة إلى عدم تنفيذ مذكرة "لا تحترم الحقوق الدستورية للمواطنين وهي نفس الحقوق التي تنطبق أيضا على المهاجرين". وجاء ثاني رد فعل تنديدي على هذا "الهجوم" الجديد لوزارة الداخلية على المهاجرين غير الشرعيين من قبل هيئة المحامين في إسبانيا. فحسب المجلس العام الاسباني لنقابة المحامين، فإن الشرطة تقوم بتأويل قانون الهجرة الجديد، الذي تمت المصادقة عليه في دجنبر الماضي، "دون أن تتوفر على سلطة القيام بذلك" مضيفا أن تأويل الشرطة للتشريع المطبق حاليا في إسبانيا حول الهجرة "غير ملائم على الإطلاق". - انتقاد الخطاب المزدوج للحكومة بشأن قضية الهجرة: وأكدت النقابة الموحدة للشرطة التي وجهت انتقادات حادة لهذه المذكرة أن "النص يشجع على الممارسات الأمنية التي تخرق الحقوق المدنية للمواطنين وتشكل خطرا على الوضعية القانونية لافراد الشرطة. وكل هذا في سياق نفاق الحكومة التي تنهج خطابا سياسيا يتعارض مع ما تأمر به أفراد الشرطة". ومن جهتها، انضمت جمعيات الدفاع عن حقوق المهاجرين إلى حملة التنديد بهذه المذكرة الجديدة الصادرة عن وزارة الداخلية الاسبانية بشأن اعتقال وترحيل أكبر عدد من المهاجرين غير الشرعيين. وفي هذا الإطار، أعربت الجمعية الإسبانية لمساعدة اللاجئين عن تنديدها ب"الهوس" في إسبانيا ب"طرد أكبر عدد ممكن من المهاجرين غير الشرعيين". وأشارت إلى أن هذه المذكرة تعمل، بالإضافة إلى خرقها لحقوق المهاجرين، على "تأجيج كراهية الأجانب وربط المهاجرين بالإجرام" محذرة من خطورة مثل هذا الموقف وخصوصا "في ظرفية الأزمة الاقتصادية". - وزارة الداخلية الاسبانية تدافع عن مذكرتها مدعية بأنها "قانونية تماما": وفي محاولة لتبرير موقفها حرصت وزارة الداخلية الاسبانية على تقديم "تفسيرات قانونية وتقنية" للمذكرة الداخلية الجديدة الصادرة عن الإدارة العامة للشرطة والحرس المدني واصفة إياها ب"القانونية". فحسب وزارة الداخلية فإن مطالبة الشرطة بتنفيذ الإجراءات ضد المهاجرين غير الشرعيين في أسرع وقت ممكن يتوخى "توفر المزيد من الضمانات"???. كيف ذلك? "لأنه ببساطة يتعين تنفيذ الإجراءات الضرورية (الترحيل) في أقرب وقت ممكن قبل انتهاء المدة المحددة في القانون وهي 72 ساعة بعد توقيف المهاجر بمفوضيات الشرطة???". ونقلت وسائل الاعلام المحلية عن مصادر بوزارة الداخلية الاسبانية قولها إن هذه المذكرة تطبق "بالميلمتر" قانون الهجرة الجديد الذي تمت المصادقة عليه مؤخرا وقانون حماية أمن المواطن الجاري به العمل منذ سنة 1992 والذي يجيز للشرطة نقل أي شخص سواء كان إسبانيا أو أجنبيا إلى مخافر الشرطة إذا لم يتمكن من إثبات هويته أو سلامة وضعيته الإدارية في إسبانيا. وحسب المصادر الرسمية الاسبانية فإنه "لن يتم سحب هذه المذكرة أو تعديلها لأنه ليس هناك من سبب للقيام بذلك" . وليست هذه هي المرة الأولى التي يشكل فيها المهاجرون في وضعية إدارية غير قانونية محور مذكرات للشرطة الاسبانية. ففي مطلع سنة 2009 أصدرت الشرطة الوطنية الاسبانية مذكرة داخلية تأمر فيها عناصرها بتكثيف الاعتقالات في صفوف المهاجرين المقيمين بصفة غير قانونية مع إعطاء "الأولوية" للمغاربة لأن عملية ترحيلهم "أقل كلفة".