المغرب ومدغشقر ملتزمان ببناء شراكة مربحة للطرفين    فرنسا التي أيدت مذكرة اعتقال بوتين قبل سنة.. تمنح نتنياهو "الحصانة" للإفلات من العقاب    التهريب الدولي.. حجز أزيد من 33 كيلوغراما من سبائك معدن الذهب    نهضة بركان يستهل مشواره في كأس الكونفدرالية بالفوز على لوندا سول الأنغولي        دور الدبلوماسية في الدفاع عن قضية الصحراء محور ملتقى روابط الرحامنة في نسخته الثالثة    سماء استراتيجية فوق المغرب: تدريبات عسكرية مشتركة بين المغرب والولايات المتحدة لتعزيز القدرة على الردع    اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة التربية الوطنية والتعليم الأولي تعقد اجتماعها    الدار البيضاء تحتضن قمة عالمية للتصنيع والخدمات اللوجستية المتقدمة    الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني تؤكد تضامن الشعب المغربي مع فلسطين، وتندد بالعدوان الإسرائيلي المتواصل    وفد من القوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة على متن حاملة الطائرات الأمريكية «يو إس إس هاري ترومان « في عرض ساحل الحسيمة    في كلمة له خلال المنتدى العالمي العاشر لتحالف الحضارات ناصر بوريطة : تحت قيادة جلالة الملك، لم يقتصر المغرب على الإشادة بالحوار، بل جسده على أرض الواقع    ضبط أشخاص يبيعون حيوانات من فصيلة النمس وأفاعي في الناظور ومراكش        إسرائيل تستأنف قرار الجنائية الدولية    وزير الخارجية الهنغاري: مبادرة الحكم الذاتي هي الأساس لإيجاد حل لقضية الصحراء    منتخب التايكوندو يشارك في بطولة العالم للبومسي    تفاصيل متابعة الرئيس السابق للرجاء    إسرائيل تقيد حركة السكان جنوب لبنان    بعد اعتقال نجله.. شكيب لعلج ينسحب من جولة ترويجية للاستثمار باليابان وكوريا الجنوبية    رودريغو أرياس: منح المغرب صفة شريك متقدم لدى منتدى "فوبريل" منعطف هام في علاقاتنا ومسار تعاوننا    ‬فن "الجداريات" في المغرب يشق طريقه بثبات من التهميش إلى الاحتفاء    الرجاء ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري الأبطال    إحباط محاولة تهريب أزيد من 19 ألف قرص مخدر بميناء طنجة المتوسط    سكينة بويبلا: إبداع باللونين الأبيض والأسود يروي قصة الفن المغربي بلمسة مدهشة    محمد عدلي يُحيي حفلا غنائيا في الدار البيضاء    الفقيه بن صالح: ورشات احترافية مختلفة بمهرجان النون الدولي الخامس للمسرح    خواطر سدراوي.. "عندما يعجز التقليد عن مجاراة الإبداع: مقارنة بين السينما والحياة الواقعية"    18 هيئة نقابية وسياسية وحقوقية تعلن تأسيس "جبهة للدفاع عن حق الإضراب"    المغرب يدين دعم الحركات الانفصالية    درك الحسيمة يضبط شحنة ضخمة من الحشيش بضواحي كتامة    250 مليون دولار من البنك الدولي للمغرب لإدارة النفايات الصلبة    اتحاد العمل النسائي يسائل قانون 103.11 لمناهضة العنف ضد النساء        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    كريمة أولحوس وفريد مالكي: تعاون فني عابر للحدود يحيي التراث الفلسطيني    احتفال عالمي بالتراث في الناظور: 3 أيام من الأناقة والثقافة بمشاركة الجالية وإسبانيا        فريق دونالد ترامب يوقّع اتفاقا مع البيت الأبيض لمباشرة عملية انتقال السلطة    المغرب واليابان يوقعان مذكرة تعاون في مجال تعزيز الاستثمار    دوري أبطال أوروبا: إنتر يتصدر والأتلتيكو يكتسح والبايرن يعمق جراح سان جرمان    ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة تسجل ارتفاعا بنسبة 4 في المائة    كدمات في رأس ووجه بيب غوارديولا بعد نهاية المباراة أمام فينورد بالأبطال    انتخاب الاستقلالي الفخاري رئيساً لغرفة الصناعة التقليدية بجهة فاس - مكناس    استثمارات ضخمة.. شركة الطرق السيارة بالمغرب تبدأ أشغال توسيع عقدتي عين حرودة وسيدي معروف    تركيا تعلق الدراسة في عدد من الولايات بسبب العواصف الثلجية    نادي الدفاع الحسني الجديدة لكرة الطائرة بالجديدة منتشه بانجازاته المتميزة خلال السنوات الاخيرة    نقص حاد في دواء السل بمدينة طنجة يثير قلق المرضى والأطر الصحية    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية    حوار مع جني : لقاء !    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا أحمد : هل هناك أعظم من أن تمضي في يومك الأخلاق؟
بقلم: عبداللطيف وهبي

هل كان على القدر أن يكون قاسيا إلى هذه الدرجة و يحرمنا من صديق أعز؟، فمن يصدق أن أحمد الزايدي رحل كعادته دون ضجيج؟ ولكن هذه المرة إلى الأبد.
ما أن بلغني الخبر حتى سقطت على ذاكرتي أياما قضيناها معا، ولحظات عشناها في خضم السياسة سويا، كنت أسخر منه مبتسما: تنفجر البراكين في كل البشر إلا أنت يا أحمد فلا بركان لك، فخمود بركانه الداخلي كان من طبيعته، لم أراه يوما ينفعل أو يصرخ، كان هادئا وبهدوئه يثير الاحترام والمواقف، كل صباح ألتقيه وأسأله عن بحر بوزنيقة، يرد علي مبتسما: يسلم عليك، ولكن كيف بالذي يعانق البحر يوميا أن يخشى من قزم النهر؟.
تذكرت أياما قضيناها معا، كنت تائها بين ممرات البرلمان معماريا وسياسيا، فدخولي لأول مرة لمؤسسة بهذا الحجم كانت تثير مخاوفي، لكنني وجدت فيه الأخ الأكبر و الصديق الأغر، كان يشد بيدي يرسم لي خريطة عقد تسيير هذه المؤسسة، ومع مرور الأيام قررنا معا أن نناقش ماذا سنفعل نحن المعارضة في علاقتها مع الأغلبية، كان أحدهم منا يكرر بدون ملل "يجب عرقلة كل ما يقومون به" ويستطرد صاحبنا قائلا "كانوا يفعلون نفس الشيء وهم في المعارضة"، كان أحمد لا يؤمن بالانتقام السياسي كان يعتقدها بلادة تفتقد حس مصلحة الوطن، معلنا دائما بأن الديمقراطية تقتضي أن نحترم أغلبيتهم كي يحترمون معارضتنا.
كان الرجل موضوعيا لدرجة الاستفزاز، تراه دائما هادئا مبتسما حاملا معه هموم السياسة وعينيه المنهكتين من شدة ثقل تاريخ أزيد من عشرين سنة من الحضور البرلماني، يستحضر تاريخ المؤسسة بتفاصيله ويخترق به أي تحليل لموقف ما، يتذكر ويذكر هذا وذاك بحديث وحادث، لم أراه يوما يفكر في مؤامرة أو ينسج خيوطا عنكبوتية بكراهية أو بسوء نية، بل يكره حتى أن يساهم في فدلكة تصرف سياسي، كانت أخلاقه أرقى من ذلك وكان هدوئه يخفي أفكاره.
لم أراه يوما منفجرا ولا حتى في قاعة البرلمان، كان يجلس مقعده الأمامي هادئا مترنحا كأنه نائم، ولكنه كان حاضر بذاكرته ومذكرته، بعقله المتيقظ وبديهته السريعة كأنه الشيخ بين مريديه، صمته كان مريبا لكنه كان حكيما، يتميز حضوره بوزن حزب الاتحاد وتاريخه، يعرف لماذا هو حاضر ولماذا سيكون غائبا عن اجتماع ما، اشتغلت لجانبه مرتاحا صافي الذهن، يجمعني به ماض مشترك، قريب بعيد، وأخوة صنعتها السياسة، وحتى حين كنا نشتكي لبعضنا البعض من تصرفات أحزابنا، كنا نعزي أنفسنا ومقتنعين بأن للديمقراطية أخلاق كما للغة أخلاق وللمواقف سلطة الموضوع.
كان دائما يؤكد لي أن المصلحة تقتضي أن نتصرف وفق قناعاتنا وليس وفق توجهات جهة أو أخرى، حينما كنا نناقش كان يتهمني مازحا: لماذا أنت اتحادي أكثر منهم؟ كنت أرد عليه ساخرا: من شب على شيء شاب عليه.
لست أدري لماذا القدر قرر اليوم أو الآن أن يسحبه منا، فلا راد لقضاء الله ولكن القدر زاحمنا فيه و زاحم بموته حزبه المحتاج إليه، كنت أراه متألما حزينا شاردا في أيامه الأخيرة، يحاول أن يختفي من الناس أو يعزلهم، يعود إلى البحر الذي كبر فيه ومعه، ثم يعود وأسأله بسخرية هادئة: أين الأسماك يا أحمد؟ يجيبنا بهدوئه وطيبوبته، لقد رحلت من البحر وأصبح البحر يتيما، وبموته اليوم ستذبل عنب شاطئ البحر، سيصبح مهرجان العنب مأتمه، بل بوزنيقة كلها ستصبح شاردة في زمن السياسة، فقد كانت بوزنيقة ملاذه وعزلته، قرر أن يموت فيها وأن يدفن فيها، مشت في جنازته الأشجار والأطفال، الرجال والنساء، حتى البحر على غير عادته في الخريف كان هادئا حزين، سار إلى مثواه الأخير كل معارفه وكل أهله، بل سارت ورائه حتى نسمات المحيط، هل رأيتم نعشا تبكي من ورائه الأخلاق؟ هل يحق لأحمد أن يرحل اليوم هادئا كما العادة؟ لا أعتقد، فالوقع أليم والحزن كبير وشديد وأكثر الناس يشعرون أن أحمد تسرب بين أناملهم كأوراق الخريف، كيف سيكون المجلس بدونه؟ سيشعر بغربة غياب أحمد فقد كان يضفي فيه معاني الهدوء والأخلاق، حين كان يدخل مكتبي لشرب القهوة كعادته يحدثني عن أشياء، وينازعني في أخرى، واليوم سيظل كرسيه فارغا يتيما حزينا، يا أحمد لو استأذنتني الموت فيك ما أدنت لها، ولكن ماذا يفيد من لا حول ولا قوة له أمام القدر، كلما حلت الموت بيننا تنزع منا جزءاً من وجودنا، نقف مشدوهين ونحن نكرر لماذا أحمد بالذات؟ ففي يومه الذي دفناه مشت الأخلاق فيه يتيمة حزينة، و هل هناك أعظم من أن تمضي وراء نعشك الأخلاق يا أحمد؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.