تشكل المكانة المتميزة للمغرب في حياة وأعمال الفنان المستشرق الكبير أوجين دولاكروا (1778-1863)، محور معرض تم تدشينه، مساء أمس الثلاثاء، بمتحف هذا الفنان بباريس. ويسلط المعرض، الذي يقام تحت عنوان "أشياء في الفن التشكيلي، تذكار من المغرب"، والذي افتتح بحضور سفير المغرب بباريس، شكيب بنموسى، الضوء على الرحلة التي قام بها الفنان دولاكروا إلى المغرب سنة 1832 في إطار بعثة دبلوماسية فرنسية، وهو الحدث الذي أثر بشكل كبير على أعمال الفنان حتى وفاته. وقالت دومنيك دو فون ريو، مديرة المتحف الوطني لأوجين دولاكروا بباريس، إن رحلة هذا الفنان إلى المغرب شكلت "لحظة استثنائية" في حياته، حيث اكتشف ألوانا ومشاهد طبيعية أثرت بشكل كبير على أعماله. وأضافت أن هذه الرحلة على الرغم من أنها لم تستمر سوى أربعة أشهر، إلا أنه كان لها الأثر البليغ على أعمال دولاكروا الذي وجد في المغرب نموذجا لعراقة مصانة. وأشارت إلى أن دولاكروا أعجب بما حوله من مشاهد جميلة وكذا بطيبوبة السكان وتقاليدهم، وبأشياء جلب منها العديد من النماذج إلى محترفه بباريس، والتي عمل على تجسيدها في لوحاته الفنية. وأكدت أن رحلة دولاكروا إلى المغرب شكلت أيضا لحظة هامة في تاريخ الفن، ذلك أن العديد من كبار فناني القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ساروا على خطى دولاكروا، وتوجهوا إلى المغرب وإلى بلدان أخرى بشمال إفريقيا بحثا عن الإلهام والألوان مثل ماتيس وموريس ديني وهنري افينبويل أو بول كلي. ويتضمن المعرض الأشياء التي جلبها دولاكروا خلال رحلته إلى طنجة، والتي تشكل جزءا من المجموعة الدائمة للمتحف، منذ 1952 ، ومنها مواد خزفية وجلدية وملابس وأدوات موسيقية وأسلحة، جسدها الفنان في رسوماته ومنحوتاته. كما يستفيد المعرض، الذي يستمر حتى الثاني من فبراير المقبل، من إعارات قيمة من متحف اللوفر ومتحف الفنون الجميلة بنانت ومتحف دورساي ومتحف الفنون الجميلة ببوردو ومتحف فابر بمونبوليي والمكتبة الوطنية الفرنسية. ويتيح المعرض، الذي يقام بموازاة معرض "المغرب الوسيط .. إمبراطورية من إفريقيا إلى إسبانيا" بمتحف اللوفر، دراسة الجزء الواقعي من العمل الاستشراقي لدولاكروا، وإمكانية معاينة الأشياء التي جمعها داخل محترفه الفني الكبير، ومساءلة علاقته بهذه الأشياء التي ليست فقط ذكريات من المغرب بل أيضا عنوانا على تشبثه بالمخيال الشرقي