توقيت الاستقبال الذي حظي به الأمين العام للحركة الشعبية بلال أغ الشريف في الخارجية المغربية، لم يكن اعتباطيا، فقبله بيوم، اجمعت الحركات الأزوادية المجتمعة في وغادوغو ببوركينا فاسو على نقاط خلافها مع باماكو، مؤكدة على ضرورة تمكين الإقليم من وضع قانوني وثقافي وإنساني واقتصادي خاص، كشرط أساسي لأي سلام دائم في شمال مالي/ أزواد. الاستقبال أيضا تزامن مع انطلاق الجولة الثانية لمفاوضات الجزائر والتي تستمر لأسبوعين بين طرفي الصراع في مالي “بعد تخلي الأزواديين عن مشروع الدولة”، وهي أهم نتائج الدورة الاولى للمفاوضات التي عقدت في يوليو الماضي. ماذا يعني هذا التزامن؟ وماهي الرسالة التي تريد حركة أزواد توجيهها من خلال هذه الخطوة؟ يبدو أن الرسالة الأولى موجهة للمغاربة، تنص على أن احتضان الجزائر للمفاوضات لا يعني عزل المغرب عن لعب دوره في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، خاصة وأنه قريب من السلطة في مالي ومن حركة أزواد، ويتمتع بنوع من الحياد المطلوب في كل وساطة نزهة. الرسالة الثانية موجهة لمالي، وتعتبر بأن مصداقية الوعود التي قطعها الأزواديون لملك المغرب قبيل زيارته الثانية لمالي لازالت قائمة، فعلى سلطات باماكو التحلي بنفس المصداقية والقبول بمفاوضات تنصف الأزواديين، وأن لاتعول على ضغط دولة كالجزائر وفرنسا على حركات أزواد. أما الرسالة الثالثة، فموجهة للجزائر التي تريد وكما جرت العادة الاستئثار بالملف، وإملاء الحلول التي تراها في مصلحة ما تسميه أمنها الإقليمي، ولعب دور الأخ الأكبر في المنطقة، وهي فرضيات عفا عليها الزمن، لم تعد تجدي، فاستقرار الساحل ضرورة ملحة تهم جلّ بلدان شمال إفريقيا من ليبيا إلى المغرب بالتالي فإن الوسيط الجزائري مطالب بلعب دور الوسيط الذي يساوي بين الطرفين، والقطع مع سياسيات التهديد وتفريخ الحركات، ومطالب بالجدية في الوصول إلى حل قابل للتطبيق يديم الأمن والاستقرار في المنطقة، ويحفظ الحقوق المشروعة لشعب أزواد، أوليس نفس النظام هو من يدافع عن حق تقرير مصير الشعوب؛ ليلتزم بذلك على الأقل على المستوى الإقليمي القريب جدا؟ عدم تغيير الجزائر لسياستها تجاه الأزواديين، سيعني افتقاد هذا النظام لقابلية الوساطة بين الطرفين في مالي. استقبال وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار للأمين العام للحركة الوطنية لتحرير أوزاد بلال أغ الشريف، في هذا الوقت بالذات، يعني بأن الدور المغربي في تقريب وجهات النظر بين الحركة، والرئيس المالي أبوبكر إبراهيم كيتا ،مستمر عبر مسارات أخرى لا ترتبط بالضرورة بالمسار الجزائري وذات أهمية في التوصل إلى حل يضمن الاستقرار والأمن في المنطقة، باعتبار السلطات في مالي وحركة تحرير أزواد الطرفين الرئيسيين في الأزمة التي اندلعت منذ خمسين سنة. في المسار الجزائري، والذي ستبدأ جولته الثانية يوم الاثنين فاتح سبتمبر ” وهو موعد مشؤوم ؛لأنه يذكرنا بدور القذافي في هذا الملف”، هذا المسار سيطول لكونه يبحث في قضايا محلية حساسة وقوانين ترتبط أساسا بالتفاهم بين الحركة الوطنية ومالي حول شكل الوضع الخاص الذي سيحظى به الإقليم، وشكل الدولة المالية المقبلة، دولة فيدرالية، دولة مناطق حكم ذاتي. وهي وضعيات سيحددها المسار الأول، الذي يتولاه العاهل المغربي منذ استقباله لبلال أغ الشريف ربيع السنة الجارية. للإشارة لابد من التذكير بالدور الذي تقوم به دول أخرى كبوركينا فاسو وفرنسا.