بعد عدة أشهر من الصمت الإعلامي حيال قضية المتعاونين الإسبان الثلاثة المختطفين من قبل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، اللهم بعض الوقفات التي نظمتها أسرهم والمنظمة الإنسانية التي ينتمون إليها، " برشلونا أكسيو سوليداريا"، تعود القضية مجددا إلى الواجهة. فوسائل الإعلام تتناقل همسا منذ عدة أيام حصول مستجدات في الملف قد تؤدي إلى إيجاد مخرج للأزمة. غير أن الوتيرة تسارعت منذ يوم الأحد الماضي بعد إعلان الرئيس المالي أحمدو توماني توري في حديث لصحيفة إلموندو "نحن واثقون من أننا سنتلقى أخبارا سارة في الأيام القادمة." غير أن الجانب الشائك في القضية هو إعلان جريدة "إلموندو" المقربة من وسط اليمين عن قبول الحكومة الإسبانية دفع فدية قدرها خمسة ملايين دولار لتحرير الرهائن، وفق "أحد أعضاء الحكومة" حسب نفس الصحيفة دائما. يأتي ذلك في أعقاب أشهر من العمل الحكومي "الصامت" و"الحذر" المتمثل في فتح قنوات التفاوض مع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي بوساطة السلطات المالية. هذه المعطيات سلاح ذو حدين، فهي وإن كانت تصب في صالح الحكومة لأنها تثبت أنها تسير في الطريق الصحيح لتحرير الرهائن، فقد فتحت الباب أمام النقاش المحتدم حول دفع الفدية. فالصحف اليمينية أعادت فتح هذه الجبهة لتكرار المقولات التي لوحت بها بعد تحرير رهائن سفينة "ألكرانا" من قبل القراصنة في السواحل الصومالية، من كون الحكومة "تخضع للابتزاز الإرهابيين"، وأن المواطنين الإسبان تحولوا إلى صيد ثمين لأن حكومتهم "سخية". لكن الحكومة تعلم أن في تحرير الرهائن مغنما عظيما أمام الرأي العام الذي يقبل غالبيته ضمنيا دفع فدية في مثل هذه الحالات، غير أن الأمر محرج "أخلاقيا" إذ أن الدول الديمقراطية، كما جرت العادة، "لا تتفاوض مع الإرهابيين". لذلك، فالمعزوفة المعتادة في هذه الحالات هو التأكيد على أن الحكومة لن تدفع أية فدية كما جاء على لسان وزير الخارجية ميغل أنخل موراتينوس، وعلى الآخرين أن يثبتوا العكس. وتبقى طروحات اليمين من قبيل المزايدة المجانية، أولا لأن هامش الحلول العسكرية والاستخباراتية ضعيف في منطقة نائية وخطرة، ولايمكن مقارنته بالوضع الداخلي الإسباني، كما أن الحلول العسكرية الواسعة النطاق مكلفة جدا وغير مأمونة العواقب، مثلما هو الحال بالنسبة للعراق، وبدرجة أكبر أفغانستان.