يعرف المغرب بفنون مطبخه ذي الصيت العالمي وبقائمة وصفاته من الأكلات والحلويات والتي صارت علامة مسجلة ترتبط بثقافة الإستقبال في هذا البلد، وتقدم نموذجاً لتمازج عدة تأثيرات حضارية تمتزج فيها العناصر الأندلسية، والأمازيغية، والعربية، والأوروبية، والمتوسطية، لتفرز واحداً من بين ألذ المطابخ العالمية. ويصنف بعض الخبراء المطبخ المغربي بأني يأتي في المرتبة الثانية بعد المطبخ الفرنسي. ويتجسد جانب من تألق المائدة المغربية في شهر رمضان بخصوصياته وقوائم طعامه المتناسبة مع أجوائه، حيث يشكل المطبخ المغربي عصب النشاط الاجتماعي في اليوميات الرمضانية للأسر المغربية. ومنذ الصباح، يستطيع المرء أن يميز روائح ذلك الإبداع التقليدي المتوارث في مزج التوابل والنكهات، حتى إذا علا آذان المغرب، تربع طبق الحساء المعروف باسم "الحريرة" ملكاً على مائدة الإفطار. وتعتبر "الحريرة" مزيجاً ساخناً يعد بالدقيق والزيت والماء وحفنات من الحمص والعدس. ويكتسي المزيج نكهته بتركيز التوابل التي تمنح هذا النوع من الأطباق لذته المميزة، والتي تجعل منه أيضاً وجبة شائعة في أيام البرد. ويستغرق تحضير شوربة "الحريرة" المغربية وقتا طويلا قبل أن تقدم للعائلة في أواني خزفية مقعرة. ورغم أن "الحريرة" تعتبر تثقلة على البطن، بسبب احتوائها على كمية كبيرة من التوابل وقطع صغيرة من اللحم أحياناً، إلا أنها ما زالت تحتفظ بشعبيتها كملكة على المائدة الرمضانية لدى غالبية الأسر، بدلاً من الإستعاضة عنها بشوربة خضار صحية. وتجدر الإشارة، إلى أن "الحريرة" تكتسي أشكالا مختلفة بحسب خصوصيات كل ثقافة والمكونات التي تستخدمها في هذا الطبق المميز. لذا، يميز المغاربة العارفون بين الحريرة "الفاسية" و"المراكشية" وغيرهما. ومن خصوصيات الإفطار الرمضاني المغربي، خلو المائدة من وجبات أساسية على خلاف بعض البلدان التي تجمع في عاداتها بين وجبتي الإفطار والعشاء. ولكن، يحرص المغاربة على الفصل بين الموعدين. وفضلا عن "الحريرة،" تهيمن على مائدة الإفطار الحلويات التقليدية والمعجنات والفطائر والبيض المسلوق والعصائر والتمور. وتكاد تقترن "الحريرة" بالحلوى الشهيرة "الشباكية، والتي يرجح بعض الأشخاص أنها أمازيغية الأصل وتعد على أساس عجينة تطهى بخلط عدة مواد مثل العسل والسمسم. وغالبا، ما يلتئم أفراد الأسرة بعد صلاة العشاء من جديد حول المائدة لتناول وجبة العشاء، والتي تكون عبارة عن وجبة دسمة عادية مكونة من خضار، ولحوم، وأسماك، وغيرها. والواقع أن تنوع الخصوصيات الثقافية والعادات الاجتماعية في رمضان على امتداد المناطق المغربية، يجعل من الصعب حصر قائمة ثابتة لوصفات مأكولات الشهر الفضيل، وخصوصاً أن المطبخ المغربي يرتبط بشكل وثيق بالأصول العرقية، والتاريخية، والتي تتسم بالتعدد والتنوع. وتبعا لذلك، يختلف وجه المائدة المغربية الرمضانية من منطقة إلى أخرى، في ظل التمازج الإنساني والتداخل الإجتماعي زالذي يجعل من المائدة الرمضانية واجهة تمثل تنوع هذه العناصر وتمازجها. وخلال السنوات الأخيرة، يبدو أن عاملاً جديداً انضم الى مشهد العادات الغذائية في المغرب خلال رمضان، إذ تسبب خروج النساء الى ساحة العمل وزيادة الأعباء المنزلية إلى ازدهار تجارة المواد ووجبات الطعام الخاصة بطقوس الشهر الفضيل. وهكذا، يتوافد الناس على الأسواق الشعبية والمحلات التي تفتح أبوابها لترويج جميع المنتجات المرتبطة برمضان، من أجل التزود بالمأكولات التقليدية الجاهزة، حتى إذا كانت أقل لذة من المأكولات التي تصنعها أيدي الأمهات