يتميز التراب المغربي بتنوع وغنى أوساطه الطبيعية، لكن بحكم انتمائه للنطاق المتوسطي وقربه من الهوامش الشمالية للصحراء الكبرى وتلقيه للمؤثرات المدارية الجافة، فهو يعاني من تناقص في موارده المائية المتجددة ومن تدهور جد واضح لغطائه الغابوي والترابي وتراجع مفرط لتنوعه البيولوجي، لاسيما مع التغيرات المناخية الطارئة والتزايد الديمغرافي والتحول الاقتصادي الذي يدفع نحو مزيد من الضغط على الموارد الطبيعية والإفراط في استغلالها وتفاقم الخلل بين العرض والطلب. إن تدبير هذه الأوساط الطبيعية الهشة والعطوبة أصبح يطرح في وقتنا الراهن إشكالية أساسية لخصها الدكتور عبد الرحيم بنعلي مدير مختبر الجيومرفلوجيا والبيئة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ومنسق ماستر دينامية الأوساط وتدبير الموارد الطبيعية بالمغرب في كيفية الموازنة بين استغلال وتثمين مواردها الطبيعية مع الحرص على المحافظة عليها وصونها وحماية توازنات منظوماتها البيئية في إطار تنمية مستدامة ؟ هذه الإشكالية تحتل مركز المسألة البيئية في المغرب وذات أهمية خاصة في مجال تدبير السياسات العمومية لاسيما بعد الالتزام الصريح من قبل السلطة العمومية بحماية وتثمين الموارد الطبيعية، ونهج سياسة بيئية متكاملة ومندمجة وإصلاحات جذرية مع تفعيل المخططات والاستراتيجيات ذات البعد البيئي وخصوصا التفعيل المؤسساتي والقانوني للميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة. لكن عملية تنفيذ وتنزيل هذه المخططات والقوانين لن تتم إلا بالقطع النهائي مع الطرق القديمة القائمة على الاستغلال الفظيع للموارد الطبيعية في إطار أنظمة الريع الاقتصادي. ولابد من اعتبار الحكامة الجيدة مدخلا أساسيا للمحافظة على منظوماتنا البيئية والاستغلال المستدام لمواردها الطبيعية، وتعويض أساليب التراخيص والامتيازات في مجالات استغلال الأراضي والمياه والموارد الغابوية ومقالع الرمال والصيد البحري وغيرها… بدفاتر تحملات تقوم على أساس المساواة وتكافؤ الفرص. تدبير وتثمين الموارد الطبيعية لهذه الأوساط الهشة لن تتأتى أيضا إلا بفهم جيد لدينامية منظوماتها الجغرافية في إطار دراسات مندمجة ومتكاملة وفي هذا الإطار يندرج الملتقى العلمي الثاني الدي ينظمه مختبر الجيومرفلوجيا والبيئة بتنسيق مع مركز الدراسات في الدكتوراه وماستر دينامية الأوساط وتدبير الموارد الطبيعية بالمغرب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة القاضي عياض بمراكش تحت شعار" تدبير وتثمين الموارد الطبيعية بالأوساط الهشة" وذلك يوم السبت 21 يونيو 2014 برحاب الكلية وبمشاركة مجموعة من الباحثين وطلبة الدكتوراه الدين يمثلون مختلف الجامعات المغربية