إن أهم ما يميز العلاقات المغربية الإسبانية هو مدى التعقيد الذي يميز هذه العلاقات والجذور التاريخية لها، بالإضافة إلى حجم المصالح المشتركة والمتضاربة أحيانا بين البلدين. علاقات تتخللها مجموعة من المعيقات التي تحمل بين طياتها، في الوقت نفسه، مفاتيح الحل التي بإمكانها أن تزيح الجهل المتبادل، والتجاهل أحيانا، للمضي بهذه العلاقات إلى ما يصبو إليه الشعبين الجارين من تفاهم و تقارب. و تحمل العلاقات المغربية الإسبانية في طياتها عمقا تاريخيا, حيث أن المغرب كان دائما مؤثرا في مسار إسبانيا من حيث المتغيرات الداخلية التي تعرفها، بحيث إن الجار الجنوبي كان دائما حاضرا بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه المتغيرات، كما أن إسبانيا بدورها كان لها نفس التأثير في المسار التاريخي للمغرب في العديد من المحطات، القريبة منها أو البعيدة في الزمن, و كذا بعدا سياسيا يتجلى في المواقف المتباينة والمتضاربة أحيانا بين الأحزاب السياسية الاسبانية تجاه المغرب، والتي تنم عن استمرار لإيديولوجيات قديمة أحيانا، وعن جهل أحيانا، وعن مواقف مرحلية أحيانا أخرى، تختلف بين الإيجاب والسلب, بحسب الحزب الحاكم في إسبانيا ولطالما شهدت علاقات البلدين مرحلة من المد والتعاون والتفاهم كلما وصل الاشتراكيون للحكومة الإسبانية وبالمقابل فإن هذه العلاقات كثيرا ما تعرف لحظات من الجزر والتوتر كلما حكم اليمين في إسبانيا, كما يؤطر هذه العلاقات جانب اقتصادي حيث أن البلدان يتقاسمان مجموعة من المصالح المشتركة التي تجعل منهما أحيانا خصمان متنافسان، وهو الأمر الذي يتخذ في الكثير من الأحيان أبعادا سياسية غالبا ما تؤثر في سير العلاقات الثنائية بين الجانبين, كما أن هناك قضايا تستأثر بتوافق و اتفاق البلدين منها محاربة الهجرة السرية, الإرهاب و تجارة المخدرات. علاقات المغرب و إسبانيا: نظرة تاريخية لا يمكن استيعاب العلاقات المغربية الإسبانية الراهنة إلا بعد دراسة أهم المحددات التي توجهها؛ سلبا أو إيجابا، نحو المجابهة المتكررة أو نحوالتعاون المتبادل، وتتخذ هذه المحددات طوابع متنوعة، تتوزع على ما هو تاريخي وسياسي واقتصادي وأمني, و هي بهذا تعتبر من أعقد العلاقات وأطولها تاريخا مقارنة مع العلاقات المغربية الفرنسية أو العلاقات المغربية الأميركية بحكم القرب والجوار والتفاعل الحضاري, وعرفت هذه العلاقات فترات من المد والجزر والسوء والتحسن حسب المحطات التاريخية و التي كانت أساسية و حاسمة في تاريخ العلاقات المغربية الإسبانية و هي في العمق تاريخ نزاعات تخبو أحيانا وتظهر بقوة أحيانا أخرى، و تجتر هذه العلاقات مخلفات نزاعات تاريخية تعود إلى مرحلة كانا فيها البلدين نقطة تماس بين الغرب المسيحي والشرق الإسلامي، و تبتدأ أهم هذه المحطات بلحظة طرد المسلمين من الأندلس عام 1492 وإجلاء المسلمين عن آخر المدن الأندلسية, أما المحطة الثانية فهي حرب تطوان عام 1860 واحتلالها وثالثا احتلال الأقاليم الشمالية للمغرب والحرب الأهلية الإسبانية في النصف الأول من القرن العشرين، وإبقاء الوجود الاستعماري في أقاليم المغرب الجنوبية إلى عام 1975 و قد سعى البلدين معا إلى تدبير هذه النزاعات عبر تلافي المواجهة والاحتكاك والرهان على الزمن لحل نزاعاتهما سواء منها القديمة أو الناتجة عن تصفية جزئية للاستعمار. و لتفهم طبيعة العلاقات بين المغرب وإسبانيا وأسباب وثوقها على الرغم من وجود بعض المشكلات التى قد تعكر صفو هذه العلاقات لابد لنا من إلقاء نظرة تاريخية حتى نستطيع أن نستشف أسباب هذا الوثوق, فقد لعب التاريخ المشترك القديم لإسبانيا مع العالم العربى دورا هاما فى صياغة العلاقات الحالية, و هكذا استمر احتكاك الإسبان بالمغاربة طيلة التاريخ وذلك قد يكون بحافز وصية الملكة الكاثوليكية ايزابيل الثانية التى تحقق فى عهدها وزوجها فرناندو طرد العرب من إسبانيا وخلال الخمسة قرون التى تلت ذلك الحادث جاء الإسبان عدة مرات إلى شواطئ شمال أفريقيا، وكان معظم نشاطهم يتركز فى الشواطئ المغربية وذلك وفق خطة إسبانية تقوم على أساس تأمين الحدود الجنوبية عن طريق السيطرة على السواحل المغربية عبر مضيق جبل طارق إلى أقصى درجة من الأراضى الإسبانية وبعد انهزام الإمبراطورية الإسبانية عسكريا وسياسيا فى كوبا 1898 فجرت هذه الهزيمة الموقف الداخلى فى إسبانيا حيث برزت إلى السطح دعوة قوية بأن تتخلى إسبانيا عن مستعمراتها وتعود جيوشها إلى أراضيها وتعكف على إصلاح أحوالها الداخلية, وتحت هذه الضغوط عقدت إسبانيا مع فرنسا عددا من الاتفاقيات الخاصة باقتسام المغرب من طنجة ومليلية شمالا إلى الصحراء جنوبا ومضت كل من الدولتين تعمل على توسيع مناطق نفوذهما حيث أخذت فرنسا تضغط من الشرق غرب الحدود مع الجزائر، بينما انطلقت إسبانيا تضغط على الريف المغربى من مليلية إلى أن تم فى النهاية اقتسام المغرب بينهما وفرض الحماية عام 1912 على الأراضى الواقعة تحت نفوذ كل منهما, ثم جاء عام 1936 ليشكل نقطة تحول فى العلاقات الإسبانية المغربية, فى هذه السنة وقع انقلاب الجنرال فرانكو منطلقا من الأراضى المغربية و بالتحديد من مدينة تطوان حيث أطلق الجنرال قواته للقفز على مضيق جبل طارق للنزول على الشواطئ الإسبانية وسرعان ما اطلق فرانكو الوعود الكثيرة لتخدير المغاربة خاصة عندما قال فى 1939 "سيقطف المغاربة معنا أينع الزهور عندما نتمكن من الانتصار" غير أن فوز فرانكو هو فوز العسكر والكنيسة معا، وهما قوتان كانتا تعتبران إنجيلهما الثانى هو وصية الملكة ايزابيلا الثانية التى تحضر الإسبان على السيطرة على سواحل أفريقيا الشمالية, وبتولى فرانكو السلطة توترت العلاقات الإسبانية الفرنسية، وانعكس ذلك التوتر على الوضع فى المغرب وعندما حصل المغرب على استقلاله من فرنسا فى مارس 1956 أجبر هذا الوضع الجديد إسبانيا على توقيع اتفاقية مع المغرب فى إبريل 1956 تضمنت إلغاء المعاهدة الإسبانية الفرنسية الخاصة بتقسيم المغرب بينهما واحترام إسبانيا للوحدة الترابية المغربية. ومع وصول الاشتراكيين إلى السلطة في إسبانيا أواخر عام 1982، تبلورت ملامح سياسة جديدة تحظى بتوافق داخلي واسع وتقوم على منح الأولوية لتطوير العلاقات الثنائية مع بلدان الجوار المغاربي في إطار رؤية إقليمية متوازنة. وقد أسهمت هذه السياسة في تنشيط عدد من المنتديات المتعددة الأطراف، لكن الأهم من ذلك أنها عززت العلاقات الثنائية خاصة مع المغرب الذي تربطه بإسبانيا أواصر القرب الجغرافي ومصالح مشتركة عديدة، وفي نفس الوقت تقوم بينهما أسباب عديدة للنزاع وتجمعهما مجالات واسعة للتنافس, و بلغ التقارب بين البلدين أوْجَه بتوقيع معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون في يوليو/تموز 1991، والتي سمحت بفتح قنوات للاتصال المستمر وتنظيم لقاءات دورية للتشاور والتنسيق على أعلى المستويات. الملفات الشائكة لا أحد يشك اليوم و هو يدرس العلاقات المغربية الإسبانية أن " أمن واستقرار وازدهار إسبانيا و المغرب رهين بعلاقات متينة وقوية وطبيعية بينهما " ولا أحد يشك في أن العلاقات المغربية الاسبانية علاقات خاصة جدا، و تحتاج إلى تدابير استثنائية يحضر فيها الكثير من الذكاء الجماعي، ذلك أن التحولات التي تعرفها المنطقة المتوسطية تفرض مقاربة جديدة لهذه العلاقات حماية لمصالح البلدين معا. و تتميز العلاقات المغربية الإسبانية بتشابكها، بحدتها و بامتدادها في الزمان و المكان، و هي علاقة جوار صعب تعيش دوما فترات من المد و الجزر، نظرا لاعتبارات عديدة منها ما يهم تقاطع المصالح بين البلدين في العديد من القضايا الاستراتيجية مثل الصيد البحري، الصادرات الفلاحية، الهجرة.... و منها ما يهم اللون السياسي للحزب الحاكم في إسبانيا، و الذي يحدد بدرجة كبيرة مقدار الانسجام أو التوتر الذي سيحكم هذه العلاقات ، و منها ما يهم موقف إسبانيا من قضية الصحراء المغربية و ملف سبتة و مليلية، كما أن التاريخ المشترك بين البلدين بكل ما ينتجه من أحكام مسبقة و جاهزة و صور نمطية عن الاخر، يلقي بظلاله الكثيفة على هذه العلاقات العريقة. و يمكن القول أن الخلاف حول القضايا الكبرى لم يصل، في أي مرحلة، الى قطيعة بين البلدين، حيث أن العلاقة بينهما محكومة بالتواصل والاستمرارية، يصعب على التوترات السياسية الظرفية والأمزجة المتشنجة والمتقلبة، أن تعصف بها، أو تعرضها لحركات اهتزازية، مدمرة. و يعد موضوع الهجرة، تحديا كبيرا، بالنسبة للبلدين الجارين، تساهم تداعياته في أحيان عديدة في تأزيم و توثر العلاقة بين الطرفين, كما أنها من بين الملفات الشائكة و المهمة التي تطبع العلاقات المغربية الإسبانية بحكم القرب الجغرافي بين البلدين، و الذي يجد ترجمته في كون الجالية المغربية تعد ثاني أكبر جالية أجنبية في إسبانيا، كما أن موقع المغرب الاستراتيجي جعله يتحول إلى ممر و منطقة عبور للمهاجرين الأفارقة لمعانقة الحلم الأوربي، و من جهة أخرى، يكتسي موضوع الهجرة بالنسبة للمغرب أهمية اقتصادية و اجتماعية قصوى نظرا لأن تحويلات العمال المهاجرين تعد المصدر الأساسي للعملة الصعبة، كما أنها تخفف الضغط على سوق العمل المغربي الغير قادر على استيعاب كل طالبي العمل. جدير بالذكر، أن طرح إشكالية الهجرة في إطار العلاقات المغربية الإسبانية لم يتم إلا بعد انضمام إسبانيا للاتحاد الأوربي سنة 1986 و تحوله تدريجيا إلى بلد استقبال لليد العاملة المهاجرة و خاصة المغربية منها، بعد أن كان بلدا مصدرا لليد العاملة، خاصة نحو بعض الدول الأوربية مثل ألمانيا و كذلك أمريكاالجنوبية، و أهم ما ميز موجة الهجرة نحو إسبانيا، و خاصة في بداياتها الأولى منذ النصف الثاني من عقد الثمانينات و حتى أوائل التسعينات من القرن الماضي، كونها في الغالب هجرة حديثة العهد، حيث أن العمال المغاربة كانوا يفضلون دول أوربية أخرى مثل فرنسا، ألمانيا، هولندا... كما أنها أخدت طابع السرية، خاصة بعد فرض إسبانيا سنة1991 تأشيرة الدخول لكل الأجانب خارج الاتحاد الاوربي. ومنذ أوائل عقد الثمانينات، بدأ المغرب وإسبانيا يواجهان آفة واحدة هي تهريب المخدرات التي تنبت في حقول شاسعة من شمال المغرب، ويتم تهريبها نحو الجنوب الإسباني. ومع أن هذه الظاهرة كانت وقتها محدودة جدا، إلا أنها تحولت مع مرور الوقت إلى مشكلة عويصة وحقيقية، وفي كثير من الأحيان لعبت دورا أساسيا في تسميم علاقات البلدين. هذه الظاهرة ازدادت حدة مع بداية عقد التسعينات، حيث ظهرت مئات الشبكات المختصة في تهريب الحشيش من شمال المغرب إلى جنوب إسبانيا، واكتسبت هذه الشبكات احترافية كبيرة في التعامل مع مختلف الظروف، بل إن هذه الشبكات اكتسبت علاقات قوية داخل الإدارات والأمن، خصوصا في المغرب، مع أنها أيضا استطاعت بشكل بارز اختراق أجهزة أمنية وإدارية في إسبانيا، على الرغم من أن الفارق بين البلدين في هذا المجال يبدو كبيرا. وفي الوقت الذي كانت إسبانيا ووسائل إعلامها تتهم المغرب بغض الطرف عن هذه الأنشطة، فإن المغرب كان يرد دوما بأن الشبكات الإسبانية تلعب دورا كبيرا أيضا في تأجيج حمى هذا النشاط غير المشروع، وأن السلطات الإسبانية بدورها تتغاضى عن عشرات أو مئات من المهربين من مختلف الجنسيات، الذين يستقرون في أراضيها، وفي كثير من الأحيان تمنحهم جنسيتها وتشملهم بحمايتها. وفي نفس الفترة تقريبا التي عرفت فيها عمليات تهريب المخدرات ازدهارا ملحوظا، ظهرت إلى الوجود ظاهرة جديدة هي قوارب الموت، حيث بدأت مئات القوارب الخشبية الصغيرة في عبور مضيق جبل طارق متوجهة نحو الضفة الشمالية للمضيق، واستقبلت إسبانيا في ظرف سنوات قليلة عشرات الآلاف من المهاجرين السريين. وتسببت هذه الظاهرة الجديدة في قلق مزمن للسلطات الإسبانية، التي اتهمت المغرب باستمرار بالتغاضي عن أنشطة شبكات التهجير السري، التي جنت ملايين الدولارات من وراء هذا التهريب البشري الجديد. وبين قضية الهجرة السرية وتهريب المخدرات، فإن هناك قضايا أخرى أيضا لعبت دورا ملحوظا في تأزيم العلاقات بين البلدين، ومن بينها اتفاقية الصيد البحري, ومنذ أن استقل المغرب، فإن أسطول الصيد الإسباني كان يتصرف في المياه المغربية وكأنها مياه بحرية تابعة لإسبانيا، و يكتسب هذا الملف حساسية بالغة بالنسبة لكلا الطرفين، فمن جهة تحتضن المصايد البحرية المغربية أكثرية سفن الأسطول الإسباني المتحرك في دول العالم الثالث (حوالي 417 سفينة صيد) واستمر الوضع كذلك، وفق اتفاقيات ثنائية، إلى حدود نهاية التسعينات، حين انتفض المغرب وقرر فرض شروط جديدة من أجل السماح لمئات من مراكب الصيد الإسبانية بالصيد في مياهه الإقليمية، وهو ما جعل المغرب محط نقمة كبيرة من جانب السلطات الإسبانية ووسائل إعلامها ونقاباتها على السواء. أما في ملف الصحراء, قضية القضايا, و الذي شكل دائما مصدر توثر في العلاقات بين البلدين, فجدير بالذكر أن الدينامية الاقتصادية الحالية بالدرجة الأولى ساهمت في تطور و تليين الموقف الإسباني إزاء قضية المغرب الأولى الصحراء، وبوادر ذلك بدأت تظهر من خلال موقفها في مجموعة الدول العشر أصدقاء الصحراء، برفضها صراحة لتوصية أمريكا المقدمة إلى مجلس الأمن بتوسيع أهلية المينورسو لتطال حقوق الإنسان. و يعتبر ملف مدينتي سبتة و مليلية من الملفات العالقة و الشائكة و كذلك مصدر حساسية و توثر دائم في إطار العلاقات المغربية الإسبانية, و التي يسميها بعض المحللين المغاربة بعلاقة العداء الودي, و بعد نيل المغرب استقلاله سنة 1956, استمر في المطالبة باستعادة مدينتي سبتة و مليلية, حيث طالب إسبانيا بالدخول في مفاوضات مباشرة معها لأجل استرجاعهما لاعتبارهما إحدى أواخر معاقل الاستعمار في إفريقيا, و في هذا الإطار, اقترح الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1987 خلق خلية للتفكير بين البلدين لبحث السبل الكفيلة لإيجاد حل عقلاني لهذا المشكل إلا أن هذه المبادرة الجريئة لم تجد صدى لدى الجانب الإسباني, هذا رغم أن إسبانيا تطالب بدورها باسترداد جبل طارق من بريطانيا, فالمطالب المغربية كانت و ما تزال تصطدم من جهة بتشبث إسبانيا بالثغرين و من جهة أخرى بعدم تصنيف المدينتين من طرف الأممالمتحدة ضمن المناطق المحتلة و الواجب تحريرها. و تعتمد إسبانيا في دفاعها عن إسبانية المدينتين على عوامل الحضور الفعلى و المستمر منذ القرن الخامس عشر, و قد ازداد الموقف الإسباني قوة بعد انضمامها للاتحاد الأوربي, حيث أصبحت سبتة و مليلية جزءا من الأراضي الأوربية بكل ما يعنيه ذلك من توفير الحماية و الدفاع عن المدينتين, أما المغرب فينادي باسترجاع سبتة و مليلية باعتبارهما من رواسب التركة الاستعمارية و كذلك لاستكمال الوحدة الترابية للبلاد. الأزمة ترسم مسارا جديدا لعلاقات البلدين تلعب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تهزّ إسبانيا، وتتسلل تدريجاً الى الاقتصاد المغربي، لمصلحة تعزيز العلاقات بين المملكتين الجارتين، اللتين تبديان استعداداً أكبر للتعاون وتجاوز الخلافات الديبلوماسية بينهما و كذا حالة الاحتقان السائد سابقا في العلاقات بين البلدين و التي أوشكت حد التدخل العسكري إبان أزمة جزيرة ليلى, و هكذا تحولت إسبانيا من مرتبة ثاني أكبر شريك تجاري الى أول شريك للمغرب، متقدمة على فرنسا الشريك التقليدي. وهناك نحو 20 ألف شركة إسبانية متوسطة وصغيرة تصدّر منتجاتها وخدماتها الى المغرب. و كان السفير الإسباني لدى الرباط قد صرح في وقت سابق أن «الأزمة في أوروبا خلقت فرصاً للتعاون، والقضايا الحساسة أصبحت أقل تأثيراً». وأضاف: «هذا الواقع يتطلب من الشركات الإسبانية التطلّع خارج الاتحاد الأوروبي نحو جيرانها», إضافة الى ذلك، سجل المغرب، وإن لم يتأثر تماماً مثل إسبانيا بالأزمة، تباطؤاً حاداً فانخفضت توقعات النمو الرسمية من 4.5 في المئة الى أقل من 3 في المئة، ما دفع الرباط للبحث بدورها عن فرص جديدة. ونتيجة هذا التقارب ارتفعت الصادرات الإسبانية الى المغرب بنسبة تجاوزت ال20 في المئة في دلالة واضحة على وجود تغير حقيقي في العلاقات بين الرباط ومدريد.