جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    أحمد الشرعي مدافعا عن نتنياهو: قرار المحكمة الجنائية سابقة خطيرة وتد خل في سيادة دولة إسرائيل الديمقراطية    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإستقلال السياسي و الحكم الذاتي : السياقات المطروحة و تحديات التطبيق في اسبانيا و المغرب
بقلم: خالد بلقايدي

في الوقت الراهن تطرح قضايا شعوب جنوب المتوسط العديد من الملفات المثيرة للجدل و الخلاف ذات جذور تاريخية و سياسية لعدم الفصل بشكل نهائي في النزاعات السياسية و الترابية و غياب إرادة سياسية لمعالجة حقيقية حول كل ما ينازع عليه بين الأنظمة الحاكمة في المنطقة ، و عدم التخلي عن عقلية التدبير الفردي المليئة بالهواجس الأمنية ، و عن عدم الاستغناء عن ثقافة الوصاية و تغيير كل معالم الحقيقة التاريخية لشعوب المنطقة التي تثبت قوة الوجود و الذات بأحقيتها في العيش باستقلالية تامة و غيرها من الأسباب، فالمطلبين الاستقلال السياسي و الحكم الذاتي الآن لا يتطلب منا تناولهما من وجهة نظر أكاديمية وفقط و عرض نظريات القانون الدستوري و النظم السياسية و نماذج لإدارات الدولة و لا حتى خلق نغمات مفاهيمية و هندسة نصية بهدف تبريري لمبادرة عن أخرى بل يتطلب إرادة سياسية جماعية على أرضية التفاوض و التسوية السياسية للقضايا التاريخية و الجغرافية و السياسية و حتى الأمنية و نبذ كل آليات الوصاية لنخب أو فُرق أو تنظيمات أو هيئات أو حكومات على حقوق الوطن و المواطنين ، و تنزيل فعلي لمضمون المشاركة في بناء المؤسسات الفعلية التي تمثل كل فئات الشعب من أجل ضمان تأسيس دولة التنوع و الدمقرطة، و ملامسة جوهر القضايا التي تدعو الى الاستقلال الكامل أو الجزئي لدى شعوب ضفتي المضيق . و التخلي عن ثقافة الهروب من واقع المطالب و من قوة حجيتها التاريخية و السياسية و الثقافية خصوصا في اسبانيا و المغرب .
1 – مطلب الاستقلال السياسي في اسبانيا بين ضرورة الحسم و سؤال أية نظام مستقبلي بديل:
الجسم السياسي في اسبانيا تعاقد على الديمقراطية و بناء المؤسسات على حساب الذاكرة و التاريخ تاركا وراءه ملف له حمولة كبيرة لا من الناحية التاريخية و السياسية مع العِلم أن آثار الحرب الأهلية خلال فترة حكم فرانسيسكو فرانكو لم تعالج بشكل نهائي و لازالت آثارها قائمة الى اليوم رغم اعتماد منهجية المأسسة التدريجية و الهيكلية خلال عملية الانتقال السياسي باسبانيا في نهاية السبعينات من القرن الماضي بتطبيق الجهوية السياسية كمدخل لتسوية قضية الخصوصية و النزاعات في إطار الملكية البرلمانية، بل استمر النزاع السياسي لسنوات في العديد من الأقاليم الاسبانية و بالخصوص في إقليمين الباسك و كاتالونيا اللذان طلبا الى حدود اليوم بالاستقلال الكامل و رُفع سقف الصراع مع العاصمة مدريد بين تبني خيار الكفاح المسلح و اللجوء الى الاستفتاء الشعبي على الاستقلال التام رغم كل التنازلات من أجل إرساء المصالحة مع الماضي ، فالطابع يغلب على التطبع عندما يتعامل مع مطالب على أنها تجاوز للصيرورة التاريخية و إخراج من مسلسل الإجماع و عدم الاعتراف بالحقوق و الخصوصية السياسية و الجغرافية في بلاد اسبانيا أكيد كل هذا سيساهم في تأزيم الواقع الاسباني الى مستويات تتجاوز كل الحدود بين ما هو لغوي و ثقافي و سياسي و أمني حتى فئوي منذ فترة نظام فرانكو الى اليوم لتؤول الى أزمة بنيوية .
أ - كاتالونيا و أسباب المطالبة بالانفصال:
بالنظر الى أهم المحطات السياسية في تاريخ الكاتالان منذ حصولهم على الحكم الذاتي عام 1931 خلال الجمهورية الثانية الإسبانية الى اليوم و المعروفة بالاضطرابات السياسية قمع نظام فرانكو أي نوع من الأنشطة العامة المرتبطة بالقومية الكاتالانية و الأناركية و الاشتراكية و الشيوعية و الديمقراطية، فتم حظر استخدام الكاتالونية في المؤسسات التي تديرها الحكومة، كما تعرض رئيس كاتالونيا أنذاك للتعذيب و أعدم لجريمة "التمرد العسكري"، و قد ساهم اضطهاد الجنرال فرانكو لشعب كاتالونيا بتعميق نزعة الاستقلال الكامل لشعب لهذا الاقليم(1). فاستمرت الأوضاع بالتفاقم الى حدود زمن التعاقد للانتقال السياسي فأعيد العمل بقانون الحكم الذاتي في كاتالونيا في سنة 1979، وبعد الانقلاب العسكري في 1981 أقرت الحكومة الاسبانية بوجود 17 إقليما مع خصوصية لإقليمي الباسك ونافارا في تحصيل ضرائبهما، واستثناء كاتالونيا من هذا الحق ، مما ساهم ذلك في ملحاحية المطالبة بالاستقلال كاتالونيا باعتبارها أمة لديها تاريخ لغة و ثقافة و هوية و موقع إقتصادي ريادي في النسيج الوطني الاسباني ، و مع تغيرات الأوضاع الاقتصادية من جراء الأزمة الحالية يرى الكتالونيين ان اقتصادهم تضرر كثيرا بسبب السياسات المتعاقبة للحكومات الاسبانية حيث ان هذه الاخيرة فرضت ضريبة تقدر ب 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 20 مليار يورو في المقابل ليس هناك استثمارات أو خدمات اجتماعية توازي هذه الضريبة الباهظة، فتعاظم استياء الكاتالونيين في الآونة الأخيرة مع الخصومات الضريبية المتأرجحة التي كانت حكومة ماريانو راخوي تفرضها عليهم، وهي تعمل على تطبيق إجراءات التقشف التي طالب الاتحاد الأوروبي الحكومات الأوروبية باتخاذها ما أدى الى تعزيز النزعة الانفصالية لدى اليمينيين واليساريين على السواء (2) ، و أمام تصعيد الأوضاع حاولت حكومة راخوي، من أجل الخروج من المأزق وبعد أن استعصى حله داخليا إعتمدت سياسية الإستقواء بدعم الاتحاد الأوربي فقامت بحملة نشيطة ضد القوميين الكتالان، وقال الاتحاد الأوربي كلمته في الموضوع : «لا مكان لكتالونيا مستقلة داخل الاتحاد الأوربي». لكن هذا النوع من التصريحات لا يأخذه الكتالان مأخذ الجد، فهم يعرفون أن المتغير في السياسية هو الثابت، وبالتالي فمكانهم مضمون داخل الاتحاد الأوربي ككيان مستقل، وهو ما ذكر به رئيس حكومة كتالونيا عندما قال إن كتالونيا أقوى من أكثر من اثني عشر بلدا من بلدان الاتحاد. (3) و يعزز الكتالان أكثر أطروحتهم في مسعاهم إلى الاستقلال باستنادهم على التاريخ السياسي و المكون البشري و نمط الثقافي، فالكتالانية هي اللغة الرسمية الأولى في الإقليم وهي لغة التدريس تساهم في تعزيز آليات الدعم من أجل تأسيس جبهة شعبية عريضة للمطالبة بالاستقلال و تهدف نحو الوقوف عن مدى صلاحية النظام السياسي الاسباني هل بالفعل الملكية البرلمانية هي الحد الأدنى لإحتواء أزمة الهوية و حل للنزاعات السياسية و هل هي بداية نهاية الوفاق السياسي أم هي بداية عودة الدولة الأمنية بكل خياراتها حفاظا على النمط السائد.
ب – ملكية اسبانيا و جمهورية كاتالونيا بين ضرورة إعادة هيكلة النظام و آثارها على المنطقة :
تكتسي اللحظة أهميتها القصوى في الصراع السياسي باسبانيا فرغم سنوات من الانجازات في تحصين الديمقراطية الاسبانية و تصنيفها ضمن خانة النماذج للتدبير السياسي و يؤخذ عنها كتجربة متميزة تأسس للملكية البرلمانية لكن النخبة الاسبانية غالبا ما تتعامل مع الملكية على أنها الراعي للنظام القومي في حين تتجنب نقاش الإصلاح الدستوري و مسايرة المتغيرات الإقليمية و الدولية فتعتمد على ثقافة النوع و مواطنة الواجهة (4) و لا تكلف نفسها حتى عناء المراجعة لسياسة التدبير و إعادة الهيكلة لبنية النظام فقد تجاوزت عتبة التعايش السياسي بين الأطراف في اسبانيا، فكثُرت الأسئلة التي تنصب حول ما مصير سنوات الاستقرار السياسي في البلاد ، و هي الفاصلة مؤخرا في المشهد الراهن فتجاوزت لغة الرؤى المجتمعية التي كان يدعو إليها أحد أهم الفاعلين في المجتمع هما الحزب الشعبي و الاشتراكي العمالي و المقصورة فقط على الخطابات والبرامج الفوقية و هي بعيدة عن ملامسة عمق الإشكال لأنهما مرتبطان باتفاق الانتقال السياسي المتجاوز تاريخيا بفضل المتغيرات، و السؤال الأكثر أهمية في المرحلة هل مطلب الاستقلال نابع من سياق محلي أم مرتبط بخيارات المنطقة من جراء تدعيات الأزمة الاقتصادية ؟ و ما هي حدود العلاقات بين الحكومات الجهوية و الحركات الداعية الى تقرير المصير ؟ و هل بالفعل الصراع حول الخيارات يفرض تغيير الخريطة السياسية و نظامها البنيوي ؟
معظم الخطابات السياسية في اسبانيا تعتمد منهجية شبه متشابهة مليئة باللغط و الهرطقة يستهلكون الكلام في مواضيع خارجة عن ما يطلبه المجتمع الاسباني فهم يتبادلون الاتهامات في شتى القطاعات محاولين إسقاط المسؤولية عن الأوضاع القائمة عن بعضهم البعض، فالأزمة أفاضت الكأس عن حقيقة سياسة اسبانيا في القضايا السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و حتى التاريخية و عن موقعها في السياسة الخارجية فلم تستطيع أن تصنع مكانة لها ولو في صفوف المؤسسات الأوربية فسياسية راخوي الخارجية مبنية على البحث عن المدد المالي من الدوائر العالمية و الاقليمية و لو على حساب الوطن مما هي عرضة لكل القوانين التقشفية الصادرة من الهيئات الاقليمية و الدولية و في نفس الوقت تكشف عن مدى هشاشة النظام الاقتصادي الاسباني الذي يهيمن عليه بارونات العقار و طبقة نفوذ المال الذين يتمتعون بالحصانة السياسية فسببوا في أوضاع كارثية على القطاع الاجتماعي الذي تعرض لإنهيار خطير و ينذر بكارثة حقيقة مدام مستوى المعيش اليومي في تراجع كبير (5)، المواطنون في وضعية غير مسبوقة هم وراء أي مبادرة تهدف الى إنقاذهم نحو الأفضل و لا يهم الجهة الداعية لذلك، فالمناخ السائد يسوده غمام و ضبابية و هي فرصة سانحة لدعاة الاستقلال السياسي في السير على خطى تهيئ لثورة باردة و هادئة على الملكية و على إثرها الخيارات مفتوحة من الممكن أن تتوسع دائرة النزاع في المنطقة، فالكل يسعى الى دعم أطروحة الاستقلال طبعا وفق المصالح الاستراتيجية و الأمنية ، فالكاتالان مستعدون للتحالف مع أي طرف يؤيد قضيتهم و إن إقتضت الضرورة التنسيق مع حليف غير استراتيجي و لو على حساب المواقف التاريخية كما هو الشأن في العلاقة مع المغرب وبخصوص في قضيته " نزاع الصحراء الغربية " لدرجة تحولت الى مزاد علني للمقايضة السياسية . الملكية في اسبانيا كنظام تكرس نمطية تقليدية في السلطة تحتمي بالدين و الأمن و هي في تعاقد متين مع الكنيسة كصمام آمان في وجه أي هزة سياسية داخلية أو خارجية . فيلاحظ تنامي تأثير العقيدة الأمنية باعتبارها تمثل المبادئ المنظمة التي تساعد على تعريف المصالح الجيوسياسية وتحديد ما يحظى منها بالأولوية، في مجال التعاون و الأمن بين ضفتي المضيق تتحرك وفق السيناريوهات المطروحة نتيجة تداخل المصالح لم تتجاوز بعد عُقد الماضي و شيوع ثقافة الاتهام و المؤامرة ،
2 - مبادرة الحكم الذاتي و المطالبة بالاستقلال السياسي في المغرب بين رهان المبادرات و أرضية تقرير المصير :
رُفع مطلب تصفية الاستعمار منذ بداية القرن الماضي من أجل وطن يتسع للجميع و يراعي الخصوصية و يهدف إلى إحقاق العدالة وبناء مؤسسات مستقلة عن أي إدارة استعمارية كانت، لكن الخريطة السياسية التي فرزتها الإدارة الكولونيالية مخالفة تماما لتطلعات الشعوب بل نهجت مسارات أخرى فرضت القبول بالتجزئة الجغرافية و الإملاءات السياسية حفاظا على إمتيازاتها و حماية نمط الحكم السائد فساهم ذلك في توتر العلاقات داخليا و حتى مع بلدان الجوار ، وعلى إثرها نشبت خلافات جد عميقة يستعصي الحل مادام الجميع يعتمد الهروب من مبدأ الاعتراف بالخطأ و عدم الإقرار بالحقوق التاريخية و السياسية لشعوب المنطقة فتعالت أصوات المطالبة بالاستقلال السياسي و بالخصوص في الصحراء و مطلب التسيير/ الحكم الذاتي في الريف فخلقت تحديات كبيرة على النظام السياسي و مؤسساته
أ - قضية الصحراء بين مطلب تقرير المصير و مبادرة الحكم الذاتي و خيارات المنطقة:
هي قضية آثارت الشيء الكثير من الجدال سواء بين فرقاء النزاع و حتى داخل المكونات المغربية من حيث المبدأ نؤكد على ان تداول مطلب تقرير المصير ضمن أدبيات الصراع المغربي الصحراوي ومن كل أوجهه التاريخية والسياسية تداول يحمل من الدلالة الكثير من اللغط و من المضاجعة السياسية مع مفهوم ملفوظ. ولكن مشروعية التطرق إليه تكتسب من ضرورة تفكيك الدواعي إلى طرحه والأهداف من ترويجه ونزع القناع السياسي الذي يتخفى وراء مشروع محاولة إقبار الوجود الصحراوي المستقل تحت أوساخ مفاهيمية تعشش في الذهنية التوسعية للمخزن. و من باب الاختيار الغير الناضج كان هناك عامل لاتاريخي والمتمثل في الرؤية التبخيسية للشعب الصحراوي كشعب قليل العدد، تقوده حركة سياسية في سن الفطام ذو وحدات قتالية محدودة التسليح والعدد، ولم يخطر ببال العاهل الراحل أن الشعوب لا تقاس بإعدادها لكن بعد ان أثبتت سنوات الحرب حجم الخسائر على كل الأصعدة، و في مقابل التبني المتصاعد للقضية الصحراوية من طرف العديد من دول وشعوب ومنظمات العالم(6)، بدأت تتغير معالم السياسة المغربية تجاه القضية فشرع الحسن الثاني في البحث عن طرق تحقيق المبتغى الثابت في الإستراتيجية المغربية و استكمال الوحدة المغربية خلال تكتيك الالتفاف على القضية. وفي هذا الإطار وضمن ظروف استهلاك الاجماع السابق لمداه التاريخي والسياسي، فاختمر في مخيلته - كان لا يزال يعيش على ثقافة الأمير الميكيافيلية - مشروع حكم ذاتي سيلتف به على مشروع الاستقلال الكامل للبوليساريو ، وهنا لابد من تأطير هذا الطرح المغربي ضمن ظرفيته التاريخية آنذاك للتأكيد على الحقيقة التي مفادها أن أي تكتيك في السياسة الاحتوائية إنما تمليه استحالة تحقيق الهدف والعجز النهائي، أي فرض الأمر الواقع. وعلى ضوء عملية تحديد الهوية ومنعرجاتها استحالة بلوغ هدفه باحترام الشرعية الدولية واللجوء الى استفتاء تقرير مصير. حينذاك وخلال ازمة التوقف حول تحديد الهوية لوح عاهل المغرب بمشروع الحكم الذاتي، لكن رفض البوليساريو وعجز القوى المتواطئة معه سواءا كحكومات أو موظفي منظمات دولية عن كشف اوراقها وتهدئة الازمة داخل المغرب عن طريق بعض الاصلاحات الشكلية من حكومة ائتلاف وادراج لأوجه تاريخية ضمنها وفتح بعض مجالات الحوار مع القوى السياسية، والتلويح باصلاحات اكثر عمقا للتخفيف من الضغط الدولي وعدم حسم الأمم المتحدة وضغطها على المغرب لاحترام التزاماته، أعطت نفس المماطلة للنظام المغربي وأجلت إخراجه من جديد لورقة الحكم الذاتي في تصور خاطئ للإدارة المغربية اعتمد على: - الدعم المطلق لفرنسا - المراهنة على الاوضاع السيئة آنذاك في الجزائر - المراهنة على إمكانية تشكيل قوة صحراوية موالية للمغرب تتنازع تمثيلية الشعب الصحراوي مع الجبهة الشعبية (البوليساريو) - الاعتماد على تسويق وتلميع وجه النظام الجديد...الخ. وباختصار شديد فان العوامل في إقدام المغرب بالأمس كما اليوم على التلويح بهذه الورقة تظل هي: - انعدام أي أرضية لمشروع إجماع عقلاني يخرج المغرب من أزماته، والبحث عن تشكيل إجماع جديد على قاعدة مشروع آخر مع الاستحضار الدائم والدراماتيكي للخطر الخارجي - العجز المطلق للدولة المغربية عن قهر البوليساريو ، وتضاعف هذا العجز والتخبط مع تصعيد المقاومة الشعبية بالداخل جنوب المغرب، زد على ذلك انكشاف هشاشة المعالجات المخزنية في تسيير الشأن الصحراوي - تضاعف الضغط الدولي ومطالبة المنتظم الدولي المغرب بإيجاد مخرج للصراع الذي دام اكثر من 30 سنة ورهن استقرار المنطقة ومعه مصالح القوى الدولية فيها. مخرج مشروط باحترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وهو ما أكدت عليه كل القرارات الدولية ومشروع بيكر.++++++++++++++++++++++++++++++++++


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.