أعلنوا العصيان في العاصمة المغربية الرباط منذ ما يزيد عن السبعة أسابيع، وقرروا خوض إضراب مفتوح عن العمل إلى حين تحقيق مطالب يرونها عادلة ومشروعة. هؤلاء هم الأساتذة المجازون والحاصلون على شهادة الماجيستير الذين يطالبون بالاستفادة من الترقية بموجب الشواهد التي حصلوا عليها. قبل بضعة أيام أعلنوا أيضا الشروع في خوض إضراب عن الطعام يكتسي صبغة إنذارية دون أن يستبعدوا خوض خطوات مماثلة في حال لم تستجب الدولة المغربية لمناشداتهم. معركة من أجل الترقية قبل أسبوع، بالعاصمة الرباط، كان المشهد سورياليا إلى أبعد الحدود، آلاف من الأساتذة يطوفون شوارع العاصمة المغربية وهم حفاة، يحملون في أيديهم كسرة خبز وكتبا مدرسية، ويرفعون شعارات قوية تطالب بالإنصاف والكرامة، كانت الصرخات تسمع من بعيد، شعارات ضد الوزير الحالي للتعليم رشيد بلمختار الذي سبق وشغل نفس المنصب نهاية التسعينات، وضد الوزير السابق محمد الوفا. لحسن الحظ مرت التظاهرة دون تدخل أمني هاته المرة، مثل ذلك التدخل العنيف في حقهم الذي حدث أربع مرات خلال احتجاجات خاضها الأساتذة المطالبون بالترقية هذا الشهر فقط، ويتابع على إثرها أستاذان في حالة سراح تنتظرهما المحاكمة في الثامن من يناير. بدر جدة، أستاذ شاب للتعليم الابتدائي منذ 10 سنوات، مجاز في الاقتصاد، يدرس الآن بمدينة تارودانتجنوب المغرب، قرر التوقف عن العمل وخوض هاته المعركة إلى حين تحقق كافة مطالبه، يقول جدة ل "هنا صوتك" : "لم نقدم على هاته الخطوة إلا بعد أن استنفدنا كل المحاولات، فقد خضنا إضرابات وطنية تتراوح مدتها بين 24 و96 ساعة وبوتيرة شهرية، وأرفقناها بخوض اعتصامات ومسيرات ووقفات احتجاجية، لكن للأسف لم يكن هناك أي تجاوب مع ملفنا المطلبي، حيث اعتمدت الحكومة على سياسة الهروب إلى الأمام، بل وأقدمت بشكل تعسفي على الاقتطاع من أجور المضربين. الدولة تريد الحكم على أزيد من 5000 أستاذ بالتشتت الأسري من خلال رهنها للترقية بالمناصب المالية (...) ولأجل ذلك قررنا تدشين إضرابات أسبوعية وصلت أسبوعها السابع، لكن للأسف دون أن نسجل أي رد فعل من الوزارة المسؤولة وهو ما يؤكد أن الحكومة لا تعير أي اهتمام لمصلحة التلميذ المغربي". قمع في انتظار الحوار من جانبه يوسف أحنصال، أستاذ قدِم من الصويرة حيث يدرس هناك إلى الرباط، للاحتجاج على ما يراه إقصاء وتمييزا يمارسه المسؤولون عن قطاع التعليم، حين تم استثناؤهم من الترقية بالشهادة بشكل مباشر، في الوقت الذي تم فيه ترقية آخرين قبل سنوات. يوسف أحنصال اعتبر في لقاء مع "هنا صوتك" أن الدولة انتهجت مقاربة أمنية صرفة في هذا الموضوع عوض أن تقدم على فتح باب الحوار والبحث عن تفاهم مع الأساتذة المضربين. "حتى الآن مقاربة الدولة أمنية، هذا فضلا عن التهديدات المتتالية بالطرد من العمل عبر سلك مسطرة العزل، وهي مسطرة نعتبرها غير قانونية لأننا مضربون ولسنا منقطعين، وفي ذلك مس بالحريات النقابية وتجاوز حتى للدستور الذي نص على الحق في الإضراب، لكننا رغم كل شيء مصممون على مواصلة أساليبنا النضالية حتى تحقيق مطالبنا ومستعدون لخوض خطوات تصعيدية أخرى حتى تتحمل الحكومة مسؤوليتها فيما ستؤول إليه الأوضاع". قبل أسابيع، خرج وزير في الحكومة (الوزير الكلف بالوظيفة العمومية وتحديث القطاعات) عند المتظاهرين حينما كانوا يحتجون أمام مقر وزارته ليقول لهم إن مطالبهم عادلة ومفهومة، في حين تتذرع الدولة رسميا برفضها تلبية مطالب الأساتذة بوجود قانون صدر بعد التعديل الدستوري في سنة 2011 يفرض اجتياز مباريات لحصول على الترقية، فيما يرد المحتجون بمادة أخرى موجودة في النظام الأساسي تمنحهم الحق في الحصول على الترقية وهي المادة 108. بلعيد باها وهو مدرس رياضيات في مدينة تزنيت أكد أن التنسيقية التي تمثل الأساتذة المحتجين تتواصل مع مختلف الأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية والنقابات الأكثر تمثيلية في البلاد، مضيفا في حديثه ل"هنا صوتك" أن هناك تضامنا واسعا تلقاه الأساتذة المضربون وهو ما يؤشر، في رأيه، على عدالة مطالبهم. عماد استيتو