شكلت الأشرطة الفلمية ذات الموضوعات الجنسية القسم الأكبر ضمن مجموعة الأفلام التي عرضت في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي الأخير في دورته السادسة والثلاثين، والذي أقيم ما بين 8 و18 من شهر سبتمبر الجاري، حيث يعد السوق الذي تتنافس فيه الأفلام قبل توزيع جوائز الأوسكار. وإذا كانت النتائج الأخيرة لمهرجان تورنتو الدولي تمثل المؤشر الحقيقي للعبور إلى هوليوود، فأن جوائز أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية، وفي دورتها القادمة، سوف تكون الأكثر حرارة على مدى العقود الأخيرة. إذ أن العروض السينمائية التي قدمت خلال الأيام الماضية في تورنتو الكندية، والحملات التي رافقتها تمهيداً للأوسكار، هي بمثابة إعلان متواصل للجنس والإثارة، تخللت هذه العروض. حيث نشاهد كيرا نايتلي وهي تكشف عن نهديها، من دون أدنى حياء، في هذه القصة السادية والهستيرية، التي تتحول إلى "آ دينجيرز ميثود". في حين تبدأ مادونا، في ثاني تجربة إخراجية لها، ومنذ الوهلة الأولى، الى تعرية أبطال فيلمها الجديد "دبليو. إي.". الى جانب ذلك، هناك العديد من الرجال المستعدين، والذين لا يتورعون في الكشف عن كل شئ، كما هو الحال مع ماثيو ماكونهي في الفيلم الكوميدي "القاتل جو"، أو ماثيو غود الذي يظهر في فيلمه الأخير "بيرننغ مان"، وهو يمارس العادة السرية. ومن المؤكد أن الأكثر إيلاماً، والذي تلقى نقداً قاسياً، هو مايكل فاسبندر، الوجه الهوليوودي الجديد، الحاصل على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "العار" خلال مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الأخير. والفيلم يتناول قصة شاب نيويوركي، في الثلاثينات من عمره، مهووس جنسياً، وغير قادر على إرساء علاقة جنسية طبيعية في حياته.. هل في الأمر ما يمكن أن يشكل مخاطرة كبيرة، وبصورة خاصة، فيما يتعلق بالأخلاقيات المتبعة في هوليوود؟ كما يبدو، الجواب كلا. لأنه، في نهاية المطاف، ومع إقتراب توزيع جوائز الأوسكار، فأن القليل من الجرأة سوف لن يضرّ في شئ. وإذا كانت حفلات الأوسكار السابقة قد إعتمدت، في غالبيتها، على سعي النجوم لنيل إحدى جوائز الأكاديمية من خلال إبهار الجمهور ولجان التحكيم بأعمال سينمائية شاقة، تعكس المشاكل الجسدية والعقلية التي يعاني منها أبطالها، مثل "قدمي اليسرى" من بطولة دانييل دي لويس، و"مونستر"، و"خطاب الملك"، فأن إنتزاع جائزة أوسكار، في حفل توزيعها القادم، سوف يكون بقوة الجنس، لا غير. وكما قال فاسبندر في تورنتو: "اليوم الجنس يقدم مع إفطار الحبوب". والحديث هنا ليس عن الجنس الراقي أو الذي يُمتع النظر، على طريقة سيلفيا كريستل في "إيمانويل"، بل عن الجنس الصارخ والمخدّش للحياء، حيث يكون الجسد مرئياً في غياب الإثارة الممتعة. ومن الغريب أن كيرا نايتلي لم تكن متأكدة من قيامها بالتعرّي في دورها في فيلم"آ دينجرز ميثود". لكن، وبعد أخذ جرعتين من الفودكا، ودخولها في دردشة مع مخرج الفيلم ديفيد كرونينبيرغ، نسيت كل ما يمكن أن يحيل دون ظهورها عارية أمام كاميرات التصوير. وراحت النجمة الإنكليزية تكشف عن نهديها، حتى في اللقطات التي لا تمت للجنس بصلة. وأما كريستين دانست التي ظهرت في دور مثير في فيلم "ميلانكوليا"، فقد إرتفع رصيدها في تورنتو، وتحولت من صديقة لسبايدرمان الى إمرأة تتزوج في منزل شقيقتها التي تربطها بها علاقة متذبذبة وغير مستقرة. كذلك هو الحال مع الممثلة إليزابيث أوسلن، تلك الفتاة التي كانت قد ظهرت في المسلسل التلفزيوني "ذي أدفينجرز أوف ميري كيت آند آشلي" الى جانب شقيقتها التوأم، ها هي اليوم تخلع عنها ثوب البراءة ذاك، لتصور مشاهد في غاية الإثارة، في فيلمها الأخير "مارثا ميرسي ماي مارلين". وفي الوقت الذي يعلن الممثل الألماني مايكل فاسبندر عن الصعوبات التي واجهها أثناء الوقوف عارياً أمام كاميرات التصوير، تمنحه لجنة التحكيم في مهرجان فينيسيا جائزة أفضل ممثل، ويدور الحديث عن إحتمال ترشيحه لإحدى جوائز الأوسكار. ولا يبدو أنها المرة الأولى التي يطرق فيها الجنس أبواب الأكاديمية، حيث ترشح في عام 1974، فيلم "التانغو الأخير في باريس" لبرناردو برتولوتشي كأفضل إخراج سينمائي، ومارلون براندو كأفضل ممثل. ولا تنتهي هنا قائمة الأفلام الإباحية المتلهفة لجوائز الأوسكار القادمة، كما هو الحال مع فيلم"سليبنغ بيوتي"، حيث تقوم إيميلي برونغ بتناول المخدرات حتى تفقد الوعي، كي تطلق الحرية لزبائنها في القيام بكل ما يحلو لهم. أوفيلم "تيك ذس فالس" الذي تمارس ميشيل وليامز الجنس مع صديقها تارة، وأخرى مع إمرأة أخرى، ومن ثم مع رجل آخ. وذات الجنس نشاهده في فيلم "الجلد الذي أسكنه" لبيدرو المودوفار، ولكن بشكلٍ آخر. أخيراً، نقول أن هوليوود، وفي مناسبات أخرى سابقة، والتي بدت فيها جريئة للغاية، لم تكن لتتجاوز الحدود، كما هو شانها اليوم. لذلك كله نتساءل: هل يعد لجوء السينما الى الجنس محاولة للإيقاع بالأوسكار؟! يوسف يلدا، عن موقع إيلاف الإلكتروني، 20 شتنبر 2011.