يبدو لي أنه من الطبيعي أن تبادر الأممالمتحدة في شخص أمينها العام بان كيمون إلى تحريك مسار مفاوضات الصحراء التزاما بتوصيات توصيات تقرير مجلس الأمن الأخير حول الصحراء الذي دعا إلى التسريع بعقد المفاوضات في أفق إيجاد حل لنزاع الصحراء. إلا أن هذا المسعي ستعترضه العديد من الصعوبات من يجعل فرص نجاحه ضعيفة للغاية. إلا المؤكد هو أن تحرك الأمين العام هذا موصى به أمميا بعد اقتناع مجلس الأمن الدولي بمضمون توصية وردت في إفادة روس خلال أبريل الماضي، مفادها أن التأخر في إيجاد حل لنزاع الصحراء ستكون له تداعيات خطيرة على منطقة الساحل والصحراء. وإذا تأكدت أخبار تولي الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون الإشراف على تحريك المفاوضات، فإن ذلك يعني أن روس قد في الجمع بين الأطراف المعنية بالنزاع على أرضية مشترك تشكل أساس الانتقال بالمفاوضات من صيغتها غير الرسمية إلى صيغتها الرسمية. ولذلك، يمكن القول أن فشل روس في استئناف مفاوضات البحث عن حل نهائي لنزاع الصحراء يؤيد فرضية استقالته، ويؤشر على استمرار إطالة أمد النزاع، وهو ما سيضعف آمال فرص استئناف كيمون المفاوضات، لأن روس قد عمق أزمة إيجاد الحل بعد تهميشه للمقترح المغربي منح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا. والمؤكد أن روس أوصل ملف نزاع الصحراء إلى النفق المسدود بخطته "النهج المبتكرة"، مما أغضب الجانب المغربي ويسحب منه الثقة قبل أن يتراجع عن ذلك إثر مكالمة هاتفية بين بان كيمون والملك محمد السادس، ليواصل روس عمله بزيارة إلى الصحراء، إلى أن أعلن عن فشل خطته أمام مجلس الأمن الدولي في أبريل الماضي. كما أن عجز روس في تحريك جمود ملف الصحراء عززه الوضع السياسي غير المستقر في الجزائر بتطاحنات صقور العسكر حول أسلوب تدبير المرحلة الانتقالية لما بعد عبد العزيز بوتفليقة، فضلا عن تصعيد الجزائر لغتها السياسية تجاه الرباط بعد وضع شروط تعزيزية لفتح الحدود بين البلدين، الأمر الذي قابله المغرب برد قوي بعد تحميل الملك محمد السادس الجزائر مسؤولية الفشل في إيجاد حل نزاع الصحراء في خطاب عرشه الأخير.
* عبد الفتاح الفاتحي خبير متخصص في قضية الصحراء والشؤون المغاربية