"سلسلة خالدات" نساء تركن بصمة في هذه الحياة، هؤلاء النساء مازالت قواعدهن تدرس في الجامعات الدولية، أفكارهن وكلماتهن مازالت محفورة في أدهان تلاميذتهن، تميزن في جل المجالات سواء في التدريس، الطب، الفقه، الأدب والسياسة، .. نحن في "شبكة أندلس الإخبارية سنعمد إلى ذكر تاريخهن وسيرتهن ، في أربع حلقات، وبشكل سلس ومقتضب يجعل القراء يستفيدوا من تجربتهن، كل واحدة من مجالها.
كانت فتاة صغيرة عندما نزحت مع العرب النازحين من مدينة القيروان إلى أقصى المغرب ونزلت مع أهل بيتها في عدوة القرويين زمن حكم إدريس الثاني، أبوها يسمى محمد بن عبد الله الفهري، كان ثريا ولم يكن له من الأولاد سوى بنتين هما: فاطمة ومريم، أحسن تربيتهما واعتنى بهما حتى كبرتا، فلما مات ورثته ابنتاه. تكنى بأم البنين الفهرية، تربت على أخلاق فاضلة وعلى الزهد والورع من والدها، فبعد وفاته ترك ثروة كبيرة، وفكرت فاطمة في ضرورة استثمار هذا المال استثماراً يعود بالنفع عليها وعلى الأمة الإسلامية، وعقدت العزم على بناء مسجد يكون ذخراً لها بعد موتها استنادا إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " إنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ" رواه ابن ماجه وحسنه الألباني. بدأت فاطمة الفهرية بعملية بناء المسجد، بالقرب من منزلها بالقرويين وأمرت العمال، ببدء عملية الحفر حتى يتسنى لهم أخذ الحجارة والتراب لاستخدامها في عملية البناء، إذ عقدت العزم على ألا تأخذ تراباً أو مواد بناء من غير الأرض التي اشترتها بحر مالها، و نذرت فاطمة الفهرية ببدء الصوم حتى تنتهي من عملية بناء المسجد، التي أشرفت عليه فجاء المسجد فسيح الأرجاء محكم البناء وكأن فاطمة عالمة بأمور البناء وأصول التشييد. وأصبح جامع القرويين الشهير أول معهد ديني وأكبر كلية عربية في بلاد المغرب الأقصى، وبذلك تصبح فاطمة بنت محمد الفهري القيرواني المعروفة بأم البنين الفهرية هي مؤسسة أول جامعة في العالم في هذه البلاد وهي جامعة القرويين، وماتت السيدة فاطمة نحو 266 -878م.