سار نعش الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز المغطى بعلم بلاده بين جموع أنصاره الذين انهمرت الدموع من أعينهم الاربعاء، فيما ودعت البلاد زعيمها اليساري الذي قادها طوال 14 عامًا. وذرفت والدته ايلينا الدموع على تابوت ابنها الخشبي، فيما عزف النشيد الوطني امام المستشفى العسكري الذي توفي فيه. وقام الحرس الرئاسي بقبعاته الحمراء بوضع جثمان الرئيس الراحل فوق عربة سوداء تحيط بها الزهور. وشكلت وفاة تشافيز بعد عامين من صراعه مع السرطان، ضربة لانصاره المحبين له وتحالف قوى اميركا اللاتينية اليسارية، وادخل البلد الغني بالنفط في حالة من الاضطراب. ونقل جثمانه الذي احاط به الجنود الى الاكاديمية العسكرية التي كان يصفها تشافيز العقيد السابق في قوات المظليين، ببيته الثاني، حيث سجي جثمانه قبل تشييعه في مراسم وطنية الجمعة. وقد فتح النعش في الاكاديمية العسكرية في كراكاس الاربعاء. وسيبقى النعش مفتوحًا داخل الاكاديمية العسكرية حيث تواجد عدد كبير من الشخصيات ومن بينهم الرئيس بالانابة نيكولاس مادورو ورؤساء الارجنتين والاوروغواي وبوليفيا. واطل السكان من نوافذ شققهم لمشاهدة نقل الجثمان، بينما تسلق آخرون الاسيجة لمشاهدة النعش بشكل افضل، وحمل العديد منهم صور تشافيز بينما ارتدى آخرون قمصانًا تحمل صورته. وخسر تشافيز (58 عامًا) معركته مع السرطان مساء الثلاثاء بعد اصابته بالتهاب تنفسي . ومن المقرر الدعوة الى اجراء انتخابات جديدة خلال 30 يومًا. واعلن نائب الرئيس نيكولاس مادورو، باكيًا نبأ وفاة زعيمه. ومساء الثلاثاء، اعلن وزير الخارجية الفنزويلي الياس خاوا أن مادورو سيتولى الرئاسة بالوكالة على أن تجري انتخابات رئاسية في غضون ثلاثين يومًا تنفيذًا لتعليمات تشافيز. ووجه مادورو دعوات عدة الى الهدوء مؤكداً أنه تم نشر الجيش والشرطة في البلاد "لضمان السلام". واعلن وزير الدفاع دييغو موليرو أن القوات المسلحة ستظل "موحدة لاحترام الدستور وفرض احترامه". وخرج آلاف الفنزويليين الى الساحات العامة في انحاء البلاد وهم يبكون ويتذكرون حياة تشافيز الذي ادخلت ثورته الاشتراكية الممولة من عائدات نفط بلاده، البهجة الى قلوب الفقراء واغضبت الاثرياء. ومنذ ساعات الصباح الاولى، تجمع المئات من انصار تشافيز امام المستشفى العسكري في كراكاس حيث توفي. وعند مدخله رفعت لافتة كتب عليها "تشافيز حي، الثورة مستمرة!". وقال ايريس ديكورو (62 عامًا) الذي جاء من مدينة بورتو لا كروز شمال شرق البلاد "انا احبه .. اريد أن اودعه لانه كان رجلاً صالحًا اعطى كل شيء للفقراء". ووصل عدد من اقرب حلفاء تشافيز الى البلاد الاربعاء استعدادًا للمشاركة في الجنازة الرسمية، بمن فيهم رئيسة الارجنتين كريستينا كيرشنر، ورئيس الاوروغواي خوسيه موجيكا ورئيس بوليفيا ايفو موراليس. وقدم عدد من قادة العالم التعازي الاربعاء في وفاة تشافيز. واشادت كل من روسيا والصين وايران بشريك اساسي في اميركا اللاتينية. واعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تشافيز كان "رجلاً استثنائيًا وقويًا يتطلع الى المستقبل". واعلنت الصين أنها تعتبر تشافيز "صديقًا كبيرًا"، اذ أن البلدين اقاما علاقات تجارية قوية خلال السنوات الاخيرة. من جهته اشاد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بتشافيز واعتبره "شهيدًا لأنه خدم شعبه وصان القيم الانسانية والثورية". واعرب رئيسا مجلس اوروبا والمفوضية الاوروبية عن "حزنهما" لوفاة تشافيز واشادا ب"التنمية الاجتماعية" التي طبقها في فنزويلا. واعرب وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي عن الامل في أن تفتح فنزويلا عهدًا جديدًا بعد وفاة رئيسها هوغو تشافيز. واشاد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بتشافيز مشيرًا الى انه سعى جاهدًا "لتحقيق تطلعات وتحديات" بلاده. واعتبر الرئيس السوري بشار الاسد وفاة تشافيز "خسارة كبرى لي شخصيًا ولشعب سوريا"، بحسب ما بث التلفزيون الرسمي السوري. ونقل التلفزيون في شريط اخباري عاجل عن الاسد قوله إن "رحيل هذا القائد الفذ خسارة كبرى لي شخصيًا ولشعب سوريا بمقدار ما هي خسارة كبرى لشعب فنزويلا الشقيقة ولشرفاء شعوب العالم واحراره"، وذلك في تعزيته "الشعب الفنزويلي ونائب الرئيس نيكولاس مادورو بالراحل الكبير هوغو تشافيز". الا أن الرئيس الاميركي باراك اوباما اكتفى بالقول إن الولاياتالمتحدة ستدعم شعب فنزويلا، واصفًا رحيل تشافيز بأنه "وقت صعب". والاربعاء صرح مسؤول اميركي عن امله في اقامة علاقات افضل مع فنزويلا. وصرح المسؤول للصحافيين في مؤتمر صحافي عبر الهاتف: "جميعنا نعرف أن الحملات الانتخابية لا تكون دائمًا افضل الاوقات لفتح ابواب جديدة في السياسات .. وسنواصل رغبتنا في اقامة علاقات ايجابية .. ونحن ندرك أنه قد يمر وقت قبل أن تكون الحكومة الفنزويلية التي ستظهر بعد الانتخابات مستعدة لاجراء ذلك الحوار". واعلنت العديد من دول اميركا اللاتينية مثل البرازيل وكوبا والاكوادور وتشيلي الحداد ايامًا عدة. ووفاة الرئيس الفنزويلي صاحب الشخصية القوية والحضور الثابت المشهور لتصريحاته العنيفة لمعارضيه، تفتح الباب على مصراعيه لفترة من الاضطراب في بلد منقسم بين مناصري تشافيز ومعارضيه. وسيتنافس مادورو الذي امامه مهلة 30 يومًا لتنظيم انتخابات مبكرة، على الارجح مع الحاكم هنريكي كابريليس (40 عامًا) الذي هزمه تشافيز في تشرين الاول/اكتوبر. ومساء الثلاثاء صرح كابريليس للصحافيين أن تشافيز كان "خصمًا" وليس "عدوًا" حتى وإن وجه الرئيس الراحل احيانًا كلمات قاسية اليه. وفي حزيران/يونيو 2011 تم تشخيص اصابة تشافيز بمرض السرطان وبعد ادخاله المستشفى في كوبا لاكثر من شهرين عاد فجأة الى كاراكاس في 18 شباط/فبراير.