بحث رجال اقتصاد في لقاء أمس الخميس بالرباط٬ واقع وآفاق الأمن الغذائي بالمغرب٬ مبرزين السبل الكفيلة بتلبية الحاجيات الغذائية للسكان في سياق الظرفية الدولية المتأزمة. وأكد نجيب أقصبي٬ الأستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة٬ أنه "يتعين على المغرب نهج سياسة فلاحية تروم تلبية الحاجيات الغذائية للمغاربة٬ من خلال اعتماد خيارات موجهة نحو الإنتاج الغذائي الذي يسد هذه الحاجيات". وأوضح الأستاذ أقصبي٬ خلال تدخله في لقاء حول موضوع "الأمن الغذائي بالمغرب: واقع وآفاق"٬ نظم بمبادرة من (جبهة القوى الديمقراطية)٬ أن مفهوم السيادة الغذائية "يفرض نفسه بالمغرب" لكونه ينبني على سياسة اختيارية في قطاع الفلاحة٬ من خلال إنتاج يلبي الحاجيات الغذائية للسكان٬ وتصدير الفائض بعد ذلك. واعتبر المتدخل أن "الوضعية الحالية تتسم بالتناقض٬ لكون المغرب يصدر ويستورد ما يستهلكه٬ مما كبح تنمية سياسة ناجعة للتصدير ومحاربة التبعية الغذائية"٬ داعيا إلى تطوير إنتاج مشتقات الحليب واللحوم للرفع من استهلاك المغاربة الذي يظل دون مستوى المعايير المحددة من طرف منظمة الصحة العالمية. ومن جهته٬ أبرز الكاتب العام لجمعية المهندسين الزراعيين المغاربة٬ عبد السلام الدبار٬ الدور التكاملي للفاعلين السياسيين٬ والمجتمع المدني والمهندسين الزراعيين في التفكير في أنجع السبل لرفع التحديات التي يطرحها الأمن الغذائي. وتطرق الدبار٬ الذي يتولى أيضا رئاسة اتحاد المهندسين الزراعيين العرب٬ إلى مشكل مخزونات المواد الغذائية على الصعيد العالمي٬ بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية الدولية التي اندلعت بأزمة غذائية عام 2007 ومالية عام 2008٬ وهو ما يستدعي اعتماد إجراءات من لدن السلطات العمومية٬ تروم بالأساس محاربة الفقر والبطالة لضمان حصول المواطنين على تغذية كافية٬ كما ونوعا. كما يتعلق الأمر٬ حسب المتدخل٬ بإيلاء الأهمية لتثمين الموارد الطبيعية التي تزخر بها جهات المملكة٬ من أجل ضمان إنتاجية أفضل وفي أحسن الظروف وسد الثغرات القائمة على هذا الصعيد. ومن جانبه٬ أبرز العربي الفردوسي٬ الأستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة٬ أهمية مناقشة موضوع الأمن الغذائي بالنظر إلى تقلبات أسعار المواد الغذائية في الأسواق الدولية التي تطرح صعوبات على صعيد تموين المغرب وتزيد من أعباء المقاصة. وأكد الفردوسي الذي ركز مداخلته على "الاكتفاء الذاتي في الأمن الغذائي"٬ ضرورة إعادة توجيه الطاقات الوطنية وثمين الثروات الطبيعية من أجل إنتاج المستوى الذي يضمن الأمن الغذائي٬ خاصة في مجال الحبوب. وأشار أستاذ الاقتصاد مصطفى مشيش العلمي٬ من ناحيته٬ إلى أن الكابح الفعلي لعصرنة القطاع الزراعي يتمثل في نسبة الأمية المتفشية في صفوف الفلاحين٬ مشيرا إلى أن نسبة الأمية تناهز ثلاثين في المائة في الوسط الحضري فيما تبلغ حوالي ستين في المائة في الوسط القروي. ودعا المتدخل في هذا السياق إلى النهوض بالتكوين في أوساط الفلاحين٬ مستدلا على أهمية هذا الجانب بنموذج هولندا٬ التي تعتبر البلد الأكثر تقدما في أوروبا على الصعيد الفلاحي باعتبار مواردها البشرية المؤهلة والبحث العلمي المتطور في المجال الزراعي.