قالت أمينة بوعياش ٬ الرئيسة السابقة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان وعضو المنتدى الإفريقي لمراقبة الشرطة ومناهضة التعذيب، إن التحولات التي شهدتها المنطقة "تسائل العمل الحقوقي والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان حول كيفية مواجهة عدد من القضايا المطروحة خاصة ما يتعلق بالتصدي للعنف وحماية الحقوق والحريات وعلاقة ذلك بالتحولات المجتمعية الضاغطة من الناحية السياسية". وأشارت بوعياش خلال أشغال ندوة دولية حول موضوع "إصلاح المنظومة الأمنية في تونس بعد الثورة .. الوضع الحالي والتحديات"٬ اليوم الجمعة بالعاصمة التونسية ، إلى ضرورة معالجة تنامي ظاهرة العنف التي "تقف وراءها بعض الجماعات ٬ انتهاكا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل في المجتمع"٬ واعتبرت أن منظمات المجتمع المدني مطالبة بالمساعدة على تكريس "الأمن المعنوي" من خلال تنفيذ برامج لفائدة ضحايا هذه الانتهاكات ٬ وتكثيف الحوار مع المؤسسات الأمنية ٬ وتعزيز التعاون وتبادل الخبرات والتجارب بين الشبكات الاجتماعية العاملة في هذا المجال من أجل الحد من ظاهرة العنف في المجتمع وإعمال القانون وبناء آليات جديدة تستجيب لهذه التحديات. وتتناول هذه الندوة ٬ التي تستمر يومين ٬ ويشارك فيها من المغرب ممثلان عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ٬ دور منظمات المجتمع المدني في تحقيق هذا الإصلاح في إطار احترام حقوق الإنسان٬ بالإضافة إلى مناقشة كيفية مواجهة التحديات التي تواجهها المنظومة الأمنية بصفة عامة في ضوء التحولات التي شهدتها المنطقة٬ مع استعراض عدد من تجارب الإصلاح في بعض البلدان على غرار جنوب إفريقيا وجورجيا وألمانيا. وحسب المنظمين فإن هذه الندوة ٬ التي تشارك في تنظيمها مجموعة من المنظمات الحقوقية التونسية٬ ترمي إلى التوصل إلى تكوين شبكة إقليمية تعمل على إرساء مشروع لإصلاح المنظومة الأمنية وتطويرها في المنطقة العربية. وقال كاتب الدولة التونسي لدى وزير الداخلية المكلف بالإصلاح ٬سعيد المشيشي في كلمة أمام المشاركين إن عملية إصلاح المنظومة الأمنية في بلاده بعد الثورة تواجه صعوبات هيكلية كبيرة خاصة في المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد٬ معتبرا أن ذلك يتطلب دراسات معمقة ومشاورات وطنية موسعة تشارك فيها مختلف فعاليات المجتمع . وبعد أن أشار إلى أن الحكومة التونسية ركزت في الفترة الراهنة على الجوانب ذات "الأولية الملحة" المتعلقة بالتدريب والتكوين ودعم قدرات المؤسسات الأمنية من الناحية المادية والمعدات ٬ أوضح أن إصلاح المنظومة الأمنية يواجه مجموعة من التحديات أبرزها الوضع العام في البلاد وما يتطلبه من توفير للأمن على أكثر من مستوى٬ مشيرا إلى أن ميزانية وزارة الداخلية التونسية ارتفعت هذه السنة بنسبة 50 في المائة من أجل تحقيق هذا الهدف. وخلال المناقشات اعتبر عدد من المتدخلين أنه "لا يمكن تحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي وناجح دون إصلاح للمنظومة الأمنية" ٬ داعين إلى إيجاد تصور استراتيجي لتحقيق هذا الإصلاح ٬ الذي "يجب أن يكون متكاملا ليشمل التدريب والتجهيزات والتنصيص على حقوق الانسان بمفهومها الكوني في الدستور وفى القوانين".