عندما تولى رشيد الطوسي تدريب المنتخب المغربي لكرة القدم خلفا للبلجيكي إريك جيريتس، الذي تحولت رحلته مع الفريق إلى مرادف للفشل، كان البعض يعتقد بأن أسود الأطلس قد غفت ولن ينبعث زئيرها مجددا. فطوال عامين، لم يتمكن المدرب البلجيكي صاحب التاريخ الكبير من إظهار القدرات التي أهلته لتولي تدريب واحد من أقوى فرق الشمال الأفريقي، وفشل المغاربة في تجاوز الدور الأول لبطولة الأمم الأفريقية 2012 في غينيا الاستوائية والجابون. الأسوأ من ذلك أن الفريق لم يكن يملك طريقة لعب محددة، وجاءت النهاية المحتومة بعد الخسارة أمام موزمبيق المغمورة بملعبها بهدفين نظيفين في ذهاب المرحلة النهائية من التصفيات المؤهلة إلى بطولة الأمم الأفريقية 2013 التي تستضيفها جنوب أفريقيا. رأى الاتحاد المغربي في الطوسي (53 عاما) الوحيد القادر على انتشال الفريق من عثرته، والخروج من المهمة الانتحارية بنجاح، وبالفعل استطاع أسود الأطلسي الفوز على موزمبيق في مراكش برباعية بيضاء، وحجز الفريق مكانه بين المتأهلين. والآن عادت الأحلام الكبيرة، وباتت الجماهير المغربية تحلم بالمنافسة على اللقب الأفريقي في جنوب أفريقيا، حتى أن الاتحاد رصد نصف مليون دولار مكافأة للفوز بالبطولة للمدرب وحده، الذي أهلته للمنصب نجاحاته السابقة مع منتخبات الناشئين المحلية فضلا عن ألقابه مع المغرب الفاسي، ثم أدائه الجيج مع الجيش الملكي الذي لم يهنأ بوجوده طويلا. ووضعت القرعة المنتخب المغربي في المجموعة الأولى مع أصحاب الأرض، حيث يستهل مشواره بملاقاة أنجولا في جوهانسبرج، قبل أن يواجه الرأس الخضر في دربن، المدينة التي تستضيف أيضا آخر مبارياته أمام جنوب أفريقيا. ويملك المنتخب المغربي -كالعادة- لاعبين مؤهلين لقيادته إلى الدور قبل النهائي للبطولة على الأقل، لكن تبقى مشكلته في ترجمة تلك المهارات إلى طريقة لعب ناجعة. ففي حراسة المرمى يوجد العملاق المخضرم نادر المياغري (36 عاما) حارس الوداد، وأمامه خط دفاع شاب يضم مهدي بن عطية (25 عاما) لاعب أودينيزي الإيطالي، وأحمد قنطاري (27 عاما) لاعب بريست الفرنسي، وزكريا برديش (23 عاما) لاعب لانس الفرنسي. ورغم غياب القائد حسين خرجة (30 عاما) عن تزعم خط وسط الفريق، فإن وجود كريم الأحمدي (27 عاما) لاعب أستون فيلا ويونس بلهنده (22 عاما) نجم مونبلييه، ونور الدين أمرابط (25 عاما) لاعب جالطة سراي التركي يبعث على الاطمئنان. وفي الهجوم هناك يوسف العربي (25 عاما) لاعب غرناطة الإسباني، وقد يشاركه أيضا منير الحمداوي (28 عاما) لاعب فيورنتينا الإيطالي في ظل غياب مروان الشماخ. ولا تزال الجماهير المغربية تحلم بأن تسفر صيحة الطوسي في الأسود هذه المرة عن تكرار اللقب الأفريقي الذي لم يظفر به الفريق سوى مرة واحدة من قبل عام 1976 ، بعد أن طاشت كل المحاولات التالية وأقربها الخسارة أمام تونس صاحبة الأرض في نهائي 2004. لكن المهمة الأصعب التي تنتظر الطاوسي قبلا تتمثل في تهدئة الأجواء وإحلال السلام داخل صفوف المنتخب المغربي، بعد أن دخل في خلافات مبكرة مع خرجة، فيما ينتظره إرث من المشكلات منذ عهد جيريتس تضمنت العديد من اللاعبين من بينهم عادل تاعرابت الذي فضل البقاء مع فريقه الإنجليزي كوينز بارك رينجرز على المشاركة في المحفل القاري.